كيف تُحررنا محبَّة الله من الخوف؟!

Roma
كيف تُحررنا محبَّة الله من الخوف؟!

 كيف تحررنا محبة الله من الخوف ؟!

كثير من الناس يعيشون حياتهم وهم يحملون في داخلهم خوفًا عميقًا من الله. ليس الخوف الذي يدفعهم لاحترامه ومهابته، بل الخوف الذي يجعلهم يشعرون أن الله بعيدٌ، قاسٍ، ينتظر الفرصة ليعاقبهم. هذا النَّوع من الخوف يُثقل القلب، ويجعل العَلاقة مع الله مشوَّهةً، مليئةً بالرهبة، خاليَةً من الحنان.

لكن، هل هذه هي صورة الله الحقيقيَّة؟ الكتاب المقدس يعلن لنا شيئًا مختلفًا تمامًا. نعم، الله قدوس، وعادل، ولا يتغاضى عن الشر، لكنه في الوقت نفسه إله محبة، يقترب من الإنسان، ويبحث عنه كما يبحث الراعي عن خروفه الضال. 

هذه ليست مجرد فكرة جميلة، بل حقيقة أعلنها الله بنفسه من خلال فترة وجود السيد المسيح على الأرض منذ أكثر من ألفي عام؛ إذ كشف لنا السيد المسيح عن شخصية الله الحقيقية الرائعة؛ حيث نؤمن أن المَسيح هو الإله الخالق الذي أتى إلى أرضنا؛ ليُزيل من أذهاننا كل صورة مغلوطة، ترَّسخت فينا عن طبيعة وشخصية الله.

   صورة حقيقيَّة أم مُشوَّهة؟!

الله لا يريدك أن تعيش حياتك وأنت ترتعد منه، ولا أن تشعر أنك محكوم عليك مسبقًا. بل يريدك أن تعرفه كما هو: أبٌ سماوي يفتح ذراعيه لأولاده، حتى لو ابتعدوا عنه أو أخطأوا. في الكتاب المقدس نقرأ هذه الكلمات المدهشة: “ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْكَامِلَةُ تَطْرَحُ ٱلْخَوْفَ إِلَى ٱلْخَارِجِ” (رسالة القديس يوحنا الأولى ٤: ١٨)هذه ليست دعوةً للتهور أو الاستهانة بالله، بل هي وعد بأن محبته الصادقة قادرة أن تُخرج من قلبك الخوف الذي يشلّك، وتضع بدلًا منه ثقة وسلامًا.

    السيد المَسيح يكسر حواجز الخَوف

عندما جاء يسوع إلى العالم، لم يأتِ ليزيد المسافة بين الإنسان والله، بل ليكسر الحاجز الذي صنعته الخطيَّة. 

رأيناه يلمس الأبرص الذي كان الجميع يخافون الاقتراب منه، ويجلس مع العشار الذي كان الناس يحتقرونه، ويغفر للمرأة الزانيَّة التي أرادوا رجمها. في كل موقف من هذه المواقف، نرى قلب الله الذي لا يطرد، بل يقبل ويغيِّر. 

المشكلة أن الكثيرين يظنون أن الطريق إلى الله مليء بالشروط الصعبة، وأنه لن يقبلهم إلا إذا صاروا كاملين. 

لكن يسوع قال بوضوح: “مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا” (إنجيل يوحنا ٦: ٣٧).

هذا يعني أنك تستطيع أن تأتي إليه كما أنت، بضعفك، بأخطائك، حتى بخوفك. الخوف المُعطِّل يجعلك تهرب من الله، أما مخافة الله الصحيَّة فهي التي تدفعك لاحترامه، وتمنحك شوقًا للاقتراب منه. مثل الطفل الذي يحترم أباه؛ لأنه يحبه ويثق به، لا لأنه يخاف أن يضربه في أي لحظة.

    من إله غاضب إلى أبٍ ينتظر

لكنَّ وكي تتخلَّص من الخوف المَرَضي، تحتاج أن تسمح للحق أن يُبدِّد الأكاذيب المزروعة داخلك. كثيرون تربُّوا على صورة إله غاضب دائمًا، يراقبك ليحصي خطاياك. بينما الكتاب المقدس يقدّم صورةً مختلفة: إله يفرح بعودتك، كما فرح الأب في قصة الابن الضال، الذي ركض نحو ابنه وعانقه قبل أن يقول كلمة واحدة. 

الله يريدك أن تختبر حضوره الحقيقي، لا كدَّيانٍ بعيد، بل كأبٍ حنون يرحب بك. محبته ليست نظريَّة، بل قوة تغيِّر القلب وتمحي الخوف. عندما تعرف أن الله ضحَّى لأجلك، وأنه بادر بالمصالحة معك، ستدرك أن قلبه مفتوح وأنه يدعوك لتعيش في سلام.

    من الاختباء إلى الاقتراب بثقة

اليوم، يمكنك أن تبدأ خُطوةً جديدة. حدِّث الله ببساطة كما تُحدِّث صديقًا مقرَّبًا. أخبره عن مخاوفك، واطلب منه أن يكشف لك عن محبته. هو وعد أن من يطلبه سيجده، ومن يَقرع سيُفتح له. وبدلًا من أن تختبئ منه، اقترب بثقة إليه. 

الله لا يريدك أن تعيش تحت ثقل الرعب، بل أن تدخل في راحة حقيقيَّة. هذه الراحة لن تأتي من الأعمال وحدها، ولا من محاولة إرضائه بمجهودك الشخصي، بل من قبولك لمحبته الكاملة التي ظهرت في يسوع المسيح.

اليوم هو الوقت المناسب لتقترب من الله، وتدع محبته تملأك وتحررك. الله ينتظرك لا ليعاقبك، بل ليحتضنك، ويضع على قلبك سلامًا لا ينتزعه العالم منك أبدًا.

      الكاتب/ مينا نبيل

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك