الطَّريقُ الصَّعب أم الطَّريقُ الواسع؟

Roma
الطَّريقُ الصَّعب أم الطَّريقُ الواسع؟

الطَّريقُ الصَّعب أم الطَّريقُ الواسع؟

الحياة رحلة مليئة بالخَيارات، وكل قرار يتَّخذه الإنسان يوجِّه مساره نحو غايةٍ مُعيَّنة. لا يوجد إنسان بلا طريق، بل كل واحد منَّا يسير في دربٍ ما، سواء أدرك ذلك أو لم يُدرك. لكن السؤال الجوهري الذي يطرحه الكتاب المقدَّس أمامنا: أي طريق نختار؟ هل نسلك الطريق الضيِّق الذي يؤدِّي إلى الحياة، أم ننجذب إلى الطريق الواسع المليء بالإغراءات الذي يقود إلى الهلاك؟ قال الرَّب يسوع بوضوح” :اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ” متى ٧: ١٣-١٤.
الطريقُ الواسع وجاذبيَّته المُضلِّلة
الطريق الواسع يبدو في عيون الكثيرين هو الأسهل والأكثر راحة. لا تضحيات فيه، ولا ضوابط، بل هو مفتوح للشهوات والرغبات والأنانيَّة. قد يعطي شعورًا مؤقَّتًا بالسعادة أو الحرِّيَّة، لكن سرعان ما يترك فراغًا داخليًا عميقًا. يشبِّه الكتاب المقدَّس هذه الحياة بوعود كاذبة، إذ يقول:
تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ. ( أمثال 14: 12

كم من أشخاص انجذبوا لبريق هذا الطريق، لكنهم اكتشفوا في النهاية أنهم يسيرون نحو الظلمة واليأس؟
الطريق الواسع يُرضي الجسد، لكنَّه يُميت الروح. يُشبع الطموحات اللحظيَّة، لكنه يسلب الإنسان فرحه العميق وسلامه الداخلي.
الطريقُ الضَّيِّق: دعوة إلى التَّغيير الحقيقي
على عكس الطريق الواسع، الطريق الضيِّق لا يُقدِّم وعودًا سريعة أو متعة وقتيَّة. بل يتطلَّب شجاعة وقرارًا حاسمًا. هو طريق التوبة، طريق المصالحة مع الله، طريق يضع الإنسان أمام حقيقة نفسه. الدخول من الباب الضيِّق يعني أن أترك عنادي وكبريائي وأقبل أن يقودني الله.
قال الرَّب يسوع: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي” يوحنا ١٤: ٦.

هذا الطريق صعب لأنّه يطلب منَّا أن نُغيِّر الداخل، أن نتخلَّى عن الأنا، وأن نسلك في النور مهما كلَّف الأمر.
لكنه في المقابل يعطي سلامًا عميقًا لا يقدر العالم أن يقدِّمه. يقول الكتاب: “قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” يوحنا ١٦: ٣٣

يسوع المسيح: الطَّريقُ إلى الحياة الأبديَّة
الله لم يترك البشر تائهين بلا مرشد، بل أرسل الأنبياء ليشيروا إلى الطريق الصحيح، ثم في ملء الزمان جاء يسوع المسيح بنفسه، ليس فقط كمرشد، بل كالله المتجسِّد، الذي أعلن صراحة أنَّه هو الباب والطريق. قال:
أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى. يوحنا 10: 9

المسيح لم يَعِد أتباعه بطريق مفروش بالورود، بل قال بوضوح إن الطريق ضيِّق وكثيرًا ما يكون مرفوضًا من العالم. ومع ذلك، من يسير فيه ينال حياة جديدة، ويختبر علاقة حيَّة مع الله، وينتظر بفرح الرجاء المبارك الحياة الأبديَّة. الطريق الضيِّق مع المسيح ليس طريق حزن، بل طريق ملآن بالفرح والرجاء.
الخاتمة
الطريق أمامنا واضح: إمَّا واسع يقود إلى الهلاك، أو ضيِّق يقود إلى الحياة. ليس هناك طريق ثالث. النداء الإلهي ما زال يتردَّد اليوم: اختر الحياة. يقول الكتاب: ” قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ: تثنية 30: 19
الطريق الضيِّق قد يبدو شاقًّا، لكنه الطريق الوحيد الذي يقود إلى الفرح الأبدي. هو الطريق الذي سار فيه المسيح ودعانا أن نتبعه. فهل نختار الطريق الذي يُرضي العالم وينتهي بالفراغ، أم نختار الطريق الذي يقودنا إلى الله؟ الدعوة مفتوحة، والاختيار بين يدي كل واحد منَّا اليوم.
الكاتب/ مينا نبيل
التصنيف (موحدون أم مشركون – الله في المسيحية).

 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك