الأدلة المزعومة على قومية (عدم عالمية) الدعوة المسيحية
Roma
الأدلة المزعومة على قومية (عدم عالمية) الدعوة المسيحية
المحتوي
لقد كانت دعوة المسيح عالمية، لكن هناك بعض النصوص الكتابية التي استغلها البعض عن جهل أو عمداً بسوء نية واضح، وتفسير هذه النصوص خاطئة لتخدم أغراضهم ومن هذه النصوص.
-
يملك على بيت يعقوب:
عندما جاء الملاك ليبشر العذراء مريم بولادة المسيح قال لها: “وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».” (لو 1: 31-33).
يقولون إن الملاك يقول: “يملك على بيت يعقوب” أي أن رسالته تختص باليهود فقط، وليس لكل العالم، وللرد على هذا الادعاء نقول:
- يملك على بيت يعقوب لا تعني عدم ملكه على الشعوب الأخرى، لأن الحديث هنا عن المسيح كوارث لكرسي داود أبيه، ولذلك خص الحديث بملكه على نسل يعقوب.
- إن ارساليه المسيح لكل العالم لم يكن قد جاء وقت الإعلان عنها، لذلك فإن الكلام عنها وقت البشارة بمولد سيكون غير مفهوم، وغير مقبول.
- إن بيت يعقوب لا تعني نسل يعقوب الجسدي فقط، بل كل من يدخل في دائرة الإيمان أي نسل يعقوب الروحي، لأن النبوة تعلن أن مُلك المسيح على بيت يعقوب مُلك أبدي، فهل نسل يعقوب الذي كان موجوداً زمن المسيح، موجود الأن، وهل سيبقى إلى الأبد، مما يؤكد أن المقصود هو النسل الروحي من كل العالم وأن مُلك المسيح ملكاً روحياً فيه يملك على القلوب.
- إن المسيح جاء وأسس ملكوت الله على الأرض وهذا الملكوت شامل لكل البشرية وهو ملكوت حاضر الأن (ملكوت النعمة)، ويستمر إلى الأبد (ملكوت المجد)
-
يخلص شعبه من خطاياهم:
عندما جاء الملاك قال ليوسف عن العذراء مريم“فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».” (مت 1: 21).
يقولون ها هو الملاك يعلن أن يسوع يخلص فقط شعبه بمعنى أنه مُرسل إليهم فقط وللرد على هذا الادعاء نقول:
- إن قول الملاك: “يخلص شعبه من خطاياهم” لايعني أنه لا يخلص الشعوب الأخرى. فالقول موجه إلى شخص يهودي، وهو باعتباره يهودي ينتظر المخلص، ومن ثم فإن الكلام له معنى وهدف، فلو ذكر الملاك أنه يخلص الأمم، يكون هذا كلام غير مقبول، وغير مفهوم ليوسف كيهودي، لأن الإعلان الواضح عن رسالته إلى كل العالم لم يكن قد جاء وقته.
- إن قوله “يخلص شعبه” يمكن فهمه باعتبار أن لهم الأولوية في عمل المسيح، لأن هذا هو الأمر الطبيعي في ترتيب الأولويات شعبه ثم الأخرين، وهذا ليس تحديداً أو قصوراً في الدعوة.
- إن النص لا ينفي كون أن المسيح مخاص لكل العالم. فعندما أقول سوف أقرأ الكتاب المقدس فهذا لا يعني أني لن أقرأ كتب أخرى، وتكون رسالة المسيح قاصرة على اليهود، لو قال إنه سيخلص شعبه فقط دون بقية الشعوب، فكونه سكت في هذا النص عن ذكر الشعوب الأخرى، فهذا لا يعني أن عمل المسيح الخلاصي لا يشملهم.
- يجب أن نقرأ هذا النص وغيره في ضوء النصوص الواضحه التي تؤكد عالمية دعوة المسيح.
-
لا تعطوا القدس للكلاب:
قال المسيح في الموعظة على الجبل:“لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.” ( مت 7: 6).
قالو: إن اليهود كانوا يعتبرون الأمم أي غير اليهود أنهم كلاب، ولذلك فحديث المسيح يمنع أن تصل رسالته إلى الأمم وللرد على هذا الادعاء نقول:
- يجب أن نفسر النص في ضوء القرينة أى ماسبق من حديث. فالنص يتحدث عن توجيه النص ويقول المسيح إذا كان هناك أناس لا يقبولون التوجيه والتوبيخ وهذا الكلام يعتبر كالدرر. فهؤلاء الذين لا يقبلون التوجيه الذي يُقدم لهم بروح المحبة فيظنونه حجارة ويزدادون هياجاً فأبعد عنهم وصور المسيح هذا بأنهم مثل الكلاب التي تقدم لها لحمة الذبيحة المقدسة، فهي ال تفرق بينها وبين الفضلات أو كأنك تقدم درر لخنازير جائعة.
والمعنى لا نقدم تعاليمنا المقدسة لمن لا يقدرونها ويرفضونها قبل إعداد خاص لها وليس هناك في النص ما يفيد لا قومية ولا عالمية الدعوة. وكيف يقصد المسيح هذا وهو الذي علَم كثيراً عن عالمية دعوته.
-
خبز البنين والكلاب:
القصة جاءت في إنجيل متى (مت15: 21-28).
كانت هذه هي المرة الوحيدة التي خرج فيها المسيح خارج حدود فلسطين، وجاءت إليه امرأة فينيقية كانت ابنتها مريضة، ولا شك أنها قد سمعت عن أعمال ومعجزات المسيح. وتبعته صارخة طالبة شفاء ابنتها. وهذه هي المرة الوحيدة التي ذكر فيها أن المسيح رفض (رفض مؤقت) الاستجابة. وعندما طلب منه تلاميذه أن يستجيب لها ليستريحوا من صراخها قال لهم “لم أرسل إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة”. وقال للمرأة: “ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب”. يقولون هل هناك أوضح من هذا على أن دعوة المسيح كانت قاصرة على اليهود؟ وللرد على هذا نقول:
- لقد أراد المسيح يوضح للمرأة الفينيقية أنه يعطى الفرصة الأولى لليهود أي ترتيب أولويات وذلك حتى لا يكون لليهود المتعصبين أي مبرر في رفضهم للمسيح بحجة تعامله مع الأمم.
- عندما قال المسيح “لم أرسل إلا لخراف بني إسرائيل، كان حديثه موجهاً للتلاميذ فقد أراد المسيح أن يعلم تلاميذه درساً ويعدهم أن رسالتهم ليست لليهود فقط، وكأنه يقول لهم: كيف تطلبون مني الإستجابة لها وأنتم تنظرون إلى الأمم ككلاب وتعتبرون أن دعوتي قاصرة على اليهود فقط.
- إن المسيح أراد أن يمتحن إيمان هذه المرأة، وقد نجحت في هذا بتفوق وقالت “والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها”. وكانت النتيجة أن يسوع مدح إيمانها واستجاب لطلبتها وشفى بنتها “أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة عظيم إيمانك. ليكن لك ما تريدين فشفيت بنتها من تلك الساعة”.
فلو كانت دعوة المسيح شاملة لكل البشرية، لأنه هو رب كل البشر.
ويجب أن نفسر النصوص تفسيراً صحيحاً، ولا نلويها لتخدم أغراضنا.
الكاتب د. فريز صموئيل