عِمانوئيل

Roma

عِمانوئيل  

  الله معنا وليس علينا

  من شاب مُلحد لمؤمن يكرز ببشارة الإنجيل   

يحتاج البشر حاليا، وأكثر من أي وقتٍ مضى، أن يروا تعاملات الله معهم، بشكل عملي في واقعهم اليومي، رغم أن هذا، كان ولا زال وسيبقى، احتياجا دائما عبر كل العصور.
في بداية هذه المقالة، دعوني أشارككم بموقف بسيط، رواه لي أحد الأصدقاء، دار في (مَقهى) بين مجموعة شباب لا يؤمنون بوجود الله، وشاب مَسيحي كان يستمع صُدفةً لهذا الحوار.
والحقيقة التي أدركتُها لاحقا هي أن هذا لم يكن أبدا صُدفة!
المكان: مَقهى
الجو العام: مجموعة من الشباب (المُلحدين) كما يتباهون بأن يُطلقوا على أنفسم، يتحدثون في يأس عن أحوالهم، ويسخرون من فكرة وجود لله؛ لأن العالم، وحياتهم كما يرونها، عبارة عن (سداح مَداح)، لا ضابط لها، ولا وجود لشخص قادر أن يُساعدهم، ويُخرجهم من تعاستهم.
الحوار: (لبساطة الموقف سوف أحكيه بالعامية المصرية):
أحد الشباب: شوف في كام ملحد في العالم؟ وكام دين؟ وكام معتقد؟ وناس من آلاف السنين عمالة بتخانق على ربنا، وتقتل في بعضها، وكل واحد فاكر نفسه صح، وإن ربنا بتاعه هو الإله الحقيقي؟
شاب آخر: مش كان بدل وجع الدماغ دا كله، ورَّى (أظهر) نفسه للناس، ونزل العالم، وخلَّصنا م (الهَم) دا كله.
شاب مَسيحي يجلس على (ترابيزة) قريبة منهم وكان يسمعهم: ما ربنا نزل فعلا وجه الأرض، وقال للناس كل حاجة بوضوح.
ليتلفت له واحد من أولئك الشباب ويمازحه ساخرا: إنت دماغك لفِّت ولا إيه يا معلم؟ إحنا لسة حتى مشربناش.
ليرد عليه الشاب المسيحي: أنا مش بهزر على فكرة، الناس كلها قعدت تقول فين الله، فين الله، ولما أظهر نفسه بوضوح للعالم ناس كتير مصدقتوش.
ليبدأ من هنا نقاش طويل، قاد في النهاية، أحد هؤلاء الشباب، لرحلة بحث طويلة استمرت عامين، كان يقرأ فيهما، عن السيد المسيح، بعدما صار الاثنان: الشاب الملحد، والشاب المسيحي، صديقين، ليصير هذا الشاب الملحد، كما كان يعتز بأن يُطلق على نفسه، في نهاية المطاف، لا مؤمنا بالرب وحسب، بل خادما للإنجيل في أوساط الشباب البائس والملحدين.
هذه القصة الحقيقية الملهمة، ابتدأت كلها من جملة واحد عفوية، أن (الله فعلا نزل إلى الأرض) والتحم ببشرية الإنسان وهمومه ويأسه ومشاكله وأحزانه وأوجاعه.

أخبار مُفرحة غيَّرت تاريخ البشريَّة

عندما ظهر ملاك الرب للسيدة العذراء مريم، قال لها، حسب ما جاء في (لوقا 1: 31)
“وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ.”

لتتم في دِقةٍ متناهية نبوءةٌ من نبواءتٍ كثيرة، قيلت من آلاف السنين، عن مجيء الله لأرضنا، على لسان إشعياء النبي، حين قال: “ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل Immanuel” (إش7: 14). الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. (متى 1: 23).

بميلاد السيد المسيح، يسوع الذي معنى اسمه (المُخلِّص)، ابتدأ عهد جديد تماما بين الله والإنسان،

عهد أظهر الله فيه نفسه بكل وضوح لكل النسل البشري؛ ليعلن له بطريقة يفهمها عقلُنا المحدود، أن الله، ليس ذلك الملك المتعالي البعيد الجبار، المتخذ دائما موقفا ضد الإنسان، أنه ليس ذلك الإله الغامض، الذي لا يمكن أن يفهمه أحد، بل هو قريب جدا منه، بل حريص، وبشدة، على كل وأصغر تفاصيل وظروف حياته، لا فقط هنا على الأرض، بل كل التفاصيل المتعلقة بمصير الإنسان الأبدي.
هو إله ليس قصير النظر، بل خريطة مصير الإنسان، مفتوحة ومكشوفة أمامه، من لحظة مولد أي شخص فينا، وحتى مماته، بل حتى حياته غير المنتهية إلى مالا نهاية بعد مفارقة الروح للجسد.
أين قال أنا الله؟!
بدايةً، قال الرب يسوع أثناء وجوده على الأرض للجموع الغفيرة التي كانت تتبعه، 22 مرة، (أنا هو)، وكما يعلم كثيرون، فإن اللغة الأصلية التي كُتِب بها الإنجيل، الذي دوَّن حياة يسوع، هي اللغة اليوناية، وتعبير (أنا هو في اليونانية) هو (أنا يهوة)، ويهوة لدى اليهود، هو اسم الله الواحد خالق كل المسكونة.
قال الله بشكل واضح وصريح لكل البشر: (أنا الله الخالق).
وقالها أيضا بشكل واضح وصريح في كل التعاليم والمباديء المغيرة للحياة التي قالها لكل الجموع.
وقالها بوضوح، أكثر جدا جدا، مما نطلب أو نفتكر في كل تعاملاته مع البشر، في سلسلة مذهلة من المعجزات والآيات والعجائب، التي لو تم تدوينها معجزةً معجزةً، لن يسع العالم لكتب تكفي لتدوينها، كما قال أحد أقرب شهود العيان للسيد المسيح، وهو يوحنا تلميذه، الذي كان شديد القرب منه، إذ قال:
“وأشياء أخرى كثيرة صنعها يسوع، إن كتبت واحدة فواحدة، فلست أظن إن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة” (يو21: 25).

الله معنا وليس علينا

عزيزي
بكل ثقة وجرأة ووضوح مبنيين على فترة وجود السيد المَسيح على الأرض أقولها لكَ:

إن كنتَ حزينا مهموما مكتئبا مضغوطا: الله معنا يريح التعابى.
إن كنتَ تشعر بالذنب والإدانة الشديدة من كثرة خطاياك: الله معنا يستر الخطايا ويغفرها.
إن كنتَ مريضا يعذبك ألم المرض النفسي قبل الجسدي: الله معنا يشفي.
إن كنتَ ميتا في ملذات وشهوات العالم: الله معنا يقيم الموتى ويحرر من الخطية وقيودها.
إن كنتَ فقيرا أو معوزا أو تعاني من الضغوط والالتزامات المادية: الله معنا يبارك ويسدد الاحتياج.
إن كنتَ خائفا من غدك .. خائفا على حياتك وحياة كل مَن تحبهم: الله معنا يحمي ويحفظ وينقذ.
إن كنتَ ضعيفا تشعر أن طاقتك انتهت: الله معنا يجدد كالنسر شبابك.
إن كان ذهنك مليئا بالصراعات: الله معنا يعطي سلاما.
إن كنت باحثا لديك آلاف التساؤلات: الله معنا يرد حيرتك ويجيب تساؤلاتك.
إن كنتَ غير مقتنع بوجود الله: الله معنا يظهر لك ذاته.
إن كنتَ، وإن كنتَ، وإن كنتَ .. مهما كُنتَ: الله معنا.
اكتب قائمة بسيطة من عشرة بنود، دوِّن فيها فقط أمورا رائعة أو إحسانات أو مفاجآت أو معجزات أو إنقاذات أو تدخلات حدثت معك، ستجد كل هذه الأمور تصيح لكَ بصوت عالٍ قائلةً:
(عمانوئيل .. الله معك).

كل عام وأنتم جميعا بخير بمناسبة مولد السيد المسيح، الله الظاهر في الجسد، لأجل الإنسان.
بل كل عام ونحن جميعا في فرح وفخر لأن: (عمانوئيل .. الله معنا وليس علينا).
بقلم مينا نبيل.

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك