من شاطئ الجليل إلى قلب الرسالة!

Roma
من شاطئ الجليل إلى قلب الرسالة!

من شاطئ الجليل إلى قلب الرسالة!

❖ من شاطئ الجليل إلى قلب الرسالة

تحدَّثنا في مقالةٍ سابقة عن سر الرقم “12” في اختيار السيد المَسيح لتلاميذه، بعد أن استعرضنا ذلك عبر رحلة سريعة بين عهدي الكتاب المقدس. في هذه المقالة، سنتناول بنعمة الرب كيفيَّة اختيار الرب لتلاميذه؛ ليحملوا رسالته، ويعلنوها إلى كل المسكونة.

❖ دعوة سماويَّة للتغيير

● لم تكن دعوة المسيح للاثنى عشر تلميذا مبنيَّة على أسبابٍ منطقيَّة فنجده:
1. دعا أربعةً من الصيادين هم: (الأخوان بطرس وأندراوس، والأخوان يوحنا ويعقوب)، كان ذلك في بدء عمله وخدمته في الجليل. “وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِيًا عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ». فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ.” (متى ٤ : ۱۸ – ۲۰).

2. انضمَّ إليهم بُعيد ذلك فيلبس ونثنائيل “فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا، مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ. فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ» (يوحنا ١: ٤٣-٤٥).

3. دعا متى العشار عند مكان الجبايَّة في كفرناحوم “وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَّة، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ.” (متى 9: 9).
فيما عدا هؤلاء، لم يذكر الإنجيل، كيف دعى يسوع بقيَّة الاثنى عشر تلميذا.
● أمَّا عن أسماء تلاميذ الرب يسوع الاثني عشر حسب ما جاء في إنجيل متى (10: 2 – 4)
1. سمعان (الذي يُدعى بطرس).
2. أندراوس (أخو بطرس).
3. يعقوب بن زبدي.
4. يوحنا (أخو يعقوب).
5. فيلبس.
6. برثولماوس.
7. توما.
8. متى (العشار).
9. يعقوب بن حلفى.
10. تداوس (ويُعرف أيضا بلقب لَبَّاوُس أو يهوذا بن يعقوب).
11. سمعان القانوي.
12. يهوذا الإسخريوطي (الذي أسلمه، وتم استبداله لاحقاً بـ متياس بعد موت يهوذا – أعمال الرسل 1:26).

❖ سِمات دعوة الرب للتلاميذ

o لم يطلب السيد المسيح من تلاميذه تبعيَّةً وقتيَّة أو جزئيَّة، بل دعاهم أن يتركوا كل شيء ويتبعوه بكل قلوبهم؛ في دعوةٍ صريحة لحياةٍ جديدة. “ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الِاثْنَيْ عَشَرَ…” (متى 10: 1).
o صنع الرَّبُّ منهم رجالًا يحملون هذه التعاليم في قلوبهم وحياتهم؛ ليصلوا بها للجميع “وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا،” (مرقس 3: 14).
o لم يخترهم لأنهم الأفضل؛ بل بسبب ما يمكن أن يعمله فيهم ومن خلالهم. إذ قال لهم: “أَتْبَعَنِي وَأَنَا أَجْعَلُك..”
o بعدما دعاهم، درَّبهم، أوصاهم، ومنحهم السلطان لتنفيذ مهام خاصَّة بنشر كلمته: “وَدَعَا تَلاَمِيذَهُ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ قُوَّةً وَسُلْطَانًا عَلَى جَمِيعِ الشَّيَاطِينِ، وَشِفَاءِ أَمْرَاضٍ.” (لوقا 9: 1).
o تولَّى هو زمام المبادر في الدعوة، وقد دعاهم ليكونوا معه في شَركةٍ حيَّة. “وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ، فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا.” (مرقس 3: 13-14).
o بعد قيامته، أكَّد السَّيد المسيح إرساليته لتلاميذه، ومنحهم السلطان ليُكمِلوا خدمته في الأرض: “فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا».” (يوحنا 20: 21)، “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ..” (متى 28: 19).

❖ متى تم الاِختيار؟!

1- كان الاختيار قبل معجزة اشباع الجموع الخمسة آلاف أي خلال السنة الثانية للخدمة.
2- تمَّ الاِختيارُ بعد قضاء الليل كله فى الصلاة، “وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ. وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا «رُسُلًا»” (لوقا 6: 12-13).

❖ معايير الاختيار وروعته!

✔ كان نابعا من إرادته العليا، ووفقا لخطته، إذ اختارهم بمحض إرادته.
✔ اختارهم ليكونوا معه سامعين لكل تعاليمه، مرافقين له في كل الأوقات والأمكنة.
✔ اختارهم لإكمال عمله بعد صعوده؛ حتى يُرسَلوا ويُخلصوا الآخرين.
✔ اختارهم واهتمَّ بهم، وعلمهم عن عناية الله لهم.
✔ أخبرهم كيف يذهبون من مكانٍ لآخر، وحَرَّم عليهم الاِتكال على المال.
✔ أرسلهم اثنين اثنين إلى القرى وأماكن مختلفة؛ ليكرزوا باسمه.
✔ ويُعلموا بكل ما تلقوه منه، ويبشروا بأن ملكوت السموات قد اقترب.
✔ أعطاهم قوة، ليخرجوا أروحا شريرة.
✔ أعطاهم سلطانا على شفاء الأمراض وإقامة الموتى.
✔ عرَّفهم عن عطايا الله الكثيرة لهم، وأمرهم أن يعطوا الآخرين كما أعطاهم الرب.

❖ بعض الاِختلافات في شخصيَّات الرسل:

كشف لنا اختيار الرب يسوع عن نماذجَ مختلفة من الأشخاص، فالاثنا عشر كانوا يتميزون بقدر كبير من الاِختلاف والتنوع في الطباع والميول، فلم يكونوا اثني عشر نسخة متكررة، لكن لكل واحدٍ منهم شخصيتُه المتميزة.
● كان بينهم بعض الاِختلافات فيما يتعلق
✔ المواهب الطبيعيَّة والمتطلبات الشخصيَّة والخبرة والمواهب الروحيَّة.
✔ لكن لم يكن هناك واحدٌ أعظمَ من الآخر.
✔ كل واحد خدم الرب إلى الحد الأقصى من مقدرته الشخصيَّة.
✔ بعضهم وُلِد ليتولى زمام القيادة، والبعض الآخر كان قانعا بالاِنقياد.
✔ اختارهم الرَّبُّ على اختلاف أنماط شخصياتهم، كي يسوغها هو من جديد.
✔ ويجعلها قادرةً على هدم حصون العدو؛ ليعلمنا أن الجميع مدعون.
✔ ربح المعلم التلاميذ، وهم خرجوا ليربحوا الآخرين بنفس تلك المهارة الفائقة.
✔ بعدما تبعوه، تحولت ميولهم؛ وتغيَّرت طبيعتُهم،
✔ فدفنوا خلافاتهم الشخصيَّة والسياسيَّة والاجتماعيَّة؛ ليشتركوا معا في اتباع يسوع.
✔ اختارهم من مستويات مختلفة وكانوا يمتهنون حرفا مختلفة ولم يكن هناك تشابه.
✔ كان كل واحد منهم يختلف عن الآخر في الأذواق – الأهواء – العقليَّة – الشخصيَّة – نظرته للحياة.
✔ كان للتلاميذ أنماط مختلفة من الحياة، اختارها السيد بدقة .
ختاما.. يستخدم الرَّبُّ أنواعا وأنماطا مختلفة من الأشخاص؛ بغض النظر عن طباعهم ومكانتهم أو خلفيتهم، لكنَّ القاسم المشترك هو استعدادهم للاِعتراف بخطاياهم، والتماس نعمة المسيح، الذي فاض عليهم بالنعمة والرحمة والغفران فغيَّر حياتهم وحوَّلها.

الكاتب : الشيخ \ فيكتور فهمي

المصادر: كتاب 12 تلميذ للشيخ فيكتور فهمي

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك