اليهوديَّة
Roma

اليهوديَّة
عندما نتحدَّث عن “اليهوديَّة” في سياق تبشير التلاميذ، فهي تقع في الجزء الجنوبيِّ من فلسطين التاريخيَّة.
أهمُّ مدينةٍ فيها هي أورشليم والتي كانت (وما زالت) المدينة الأهمَّ والأقدس في اليهوديَّة؛ حيث يقع الهيكل (الذي كان قائمًا في زمن المسيح).
لذلك كانت أورشليم مركزًا دينيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا لليهود. بالإضافة إلى أورشليم، كانت هناك مدنٌ وقرًى أخرى في يهوذا ذات أهميَّة،
مثل بيت لحم وبيت عنيا ومدنٌ أخرى كثيرة.
لفهم اليهوديَّة في زمن المسيح، نحتاج إلى نظرةٍ سريعةٍ على تاريخهم؛ ولنبدأ منذ وقت السبي البابليِّ؛ حيث تمَّ غزو مملكة يهوذا وتدمير الهيكل الأوَّل في أورشليم، وتمَّ سبي الكثير من اليهود إلى بابل. وبعد العودة من السبي: بعد فترةٍ، سمح الفرس لليهود بالعودة وبناء الهيكل الثاني في أورشليم. وهؤلاء الذين استقرُّوا في اليهوديَّة في هذا التوقيت أسَّسوا الشعب اليهوديَّ الأساسيَّ والمختلف عن يهود الشتات.
في زمن المسيح، كانت يهوذا تحت الحكم الرومانيِّ. كانت هناك توتُّراتٌ بين الحكم الرومانيِّ والسكَّان اليهود، وكانت هناك توقُّعاتٌ لمجيء المسيح المخلِّص.
وعندما قال المسيح لتلاميذه أن يبشِّروا في “يهوذا“، كان يشير إلى المنطقة الجغرافيَّة التي كانت مركزًا تاريخيًّا ودينيًّا لليهود. تاريخيًّا، كانت هذه المنطقة تحمل إرثًا طويلًا من الأنبياء والملوك والوعود الإلهيَّة، وكانت أورشليم قلب هذا التاريخ والإيمان.
الجوانب الثقافيَّة:
بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، خضعت المنطقة لحكم خلفائه اليونانيِّين، وخاصَّةً السلوقيِّين الذين تمركزوا في سوريا.
جلبت هذه الفترة انتشارًا للثقافة واللغة اليونانيَّة في المنطقة، وهو ما يُعرف بالهلينيَّة. تأثَّرت بعض الطبقات اليهوديَّة بهذا التأثير، ب
ينما قاومه آخرون بشدَّةٍ للحفاظ على هويَّتهم
الدينيَّة والثقافيَّة.
ثمَّ بدأت روما في التوسُّع في المنطقة، وفي عام 63 قبل الميلاد، استولى القائد الرومانيُّ بومبيوس الكبير على أورشليم؛ ممَّا أنهى الاستقلال الذاتيَّ للمملكة الحشمونيَّة وجعل يهوذا تابعةً للسيطرة الرومانيَّة.
حكم الرومان يهوذا بطرقٍ مختلفة. في بعض الأحيان، عيَّنوا حكَّامًا رومانيِّين مباشرين (مثل بيلاطس البنطيِّ في زمن المسيح). وفي أحيانٍ أخرى، سمحوا لحكَّامٍ محلِّيِّين موالين لروما بالحكم تحت إشرافهم (مثل هيرودس الكبير وعائلته). كان الحكم الرومانيُّ مصدرًا للتوتر المستمرِّ بين السكَّان اليهود والسلطة الرومانيَّة.
كان اليهود يتمسَّكون بشدَّةٍ بتقاليدهم الدينيَّة وقوميَّتهم، وكانوا ينظرون إلى الحكم الأجنبيِّ على أنَّه احتلال. ومع ذلك،
كانت المدينة أيضًا تحت سيطرة الحامية الرومانيَّة.
أهميَّة هذه الفترة في سياق تبشير التلاميذ:
عندما أرسل المسيح تلاميذه ليبشِّروا في أورشليم ويهوذا، كانت هذه المنطقة تخضع للاحتلال الرومانيِّ وكانت مليئةً بالتوترات الدينيَّة والسياسيَّة.
كان اليهود يتوقون إلى الخلاص، ولكن كان لديهم تصوُّراتٌ مختلفةٌ عن شكل هذا الخلاص. كان المسيح يدعوهم إلى نوعٍ مختلفٍ من الخلاص الروحيِّ الذي يتجاوز التحرُّر السياسيَّ.
فهم هذه الخلفيَّة التاريخيَّة يساعدنا على فهم التحدِّيات التي واجهها المسيح وتلاميذه في دعوتهم، وكذلك فهم السياق الذي ظهرت فيه تعاليمهم ورسالتهم.
الكاتب / عماد حنا