الخطية والفداء جـ1
Roma
الخطية والفداء
المحتوي
الخطية والفداء واحد من أهم الموضوعات في الإيمان المسيحي وسأقدمه في هذه المقالة في نقاط محددة:
-
نشأة الإيمان:
يؤمن كل مسيحي أن الله موجود، وأنه أوحى لنا بكلمته المقدسة“كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،” (2 تي 3: 16). وفي هذا الكتاب نقرأ أن الله قد خلق الإنسان(تك1: 27، تث4: 32، مز104: 30، إش45: 12، 1كو1: 9…الخ)، وأن الله خلق الإنسان من تراب الأرض (تك1: 26) ونفخ فيه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية (تك2: 7).
-
الإنسان مخلوق على صورة الله:
“وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا… “فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.” (تك 1: 27). وحيث أن الله لاهوت غير مادى. إذاً فالصورة هنا ليست صورة مادية. ولكنها تعني أن الله ميز الإنسان باعطائه طبيعة روحية مشابهة له، فالله خلق الإنسان في حالة من البر والقداسة والكمال الأدبي النسبي، وهو كائن عاقل مفكر أي أن الإنسان في كائن عقلاني الفكر، أخلاقي الضمير، حر الإرادة. ولكن هناك فارقاً كبيراً بين طبيعة الله غير المحدودة وطبيعة الإنسان المحدودة. والإنسان مخلوق بار قادر على ارتكاب الخطية، وعندما أخطأ الإنسان تشوهت هذه الصورة.
-
كيف نشأت الخطية؟
لقد نشأت الخطية من الفعل الإرادي الحر لآدم، لقد خلق الله آدم وحواء في حالة من البر والقداسة، واضعاً إياهما في مكان ومجال نموذجيان، مزوداً إياهما بكل ما يحتاجا، وكانا في شركة مع الله. وكان لابد أن تختبر طاعتهما. وأتاح لهما الأكل من كل شجر الجنة ماعدا شجرة واحدة. وكانت تجربة الشيطان للإنسان في اغرائه حتى يرغب في أن ينال ما منعه الله، وأن يعرف ما لم يعلنه الله. ومن (تك3) نرى أن حواء شكت في صلاح الله، وصدَقت كذب الشيطان، وخضعت لشهواتها الجسدية.
إن الله أعطى الإنسان وصية، وأعطاه حرية مشروطة بطاعة الله، ولكن الإنسان كسر الوصية، وشك في كلام الله، وأراد أن يكون مثل الله، وحصد نتيجة فعله إن قصة السقوط، كما جاءت في (تك3: 1-7) قصة تاريخية وليست أسطورة أو قصة رمزية – كما يدًّعى البعض – والمسيح وتلاميذه تعاملوا مع هذه القصة كحقيقة تاريخية (انظر يو8: 47، 2كو11: 3، رؤ12: 9…الخ).
وهنا يتساءل البعض لماذا سمح الله بتجربة آدم وهو يعلم أنه سيسقط في هذا الامتحان؟
لقد خلق الله الإنسان كائن حر اه القدرة على أن يخطئ أو لا يخطئ، ولم يخلق الله كائناً آلياً أو ساقطاً، وكان لابد أن يُمتحن هذا الإنسان لاختيار ولائه وطاعته لأوامر الله، لقد كان الامتحان ضرورياً، وفي الوقت نفسه كان لدى الإنسان إمكانية مقاومة التجربة، وجعل الشيطان يهرب ” قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.” (يع 4: 7). ورغم سقوط الإنسان، فالله في محبته الأزلية دبر خطة أزلية لفداء الإنسان.
-
ماهي الخطية؟
- الخطية: هي نقص التوافق مع ناموس الله الأدبي، أما في الفكر أو في القول أو في العمل.
- الخطية: هي التعدي (1يو3: 4)، وعدم إصابة الهدف (رو7:7-13).
- الخطيه: هي شر أدبي لأن الإنسان مخلوق عاقل، وهو يعرف أنه إن فعل ما لا يجب فعله، أو إن أمسك عن فعل ما يجب فعله، أو إن صار ما لا يجب أن يكونه، أو إن لم يكن ما يجب أن يكونه يصير مذنباً أو بمعنى آخر الخطية هي:
- الانحراف إلى الشر، وليس المقصود هنا عمل الشر فقط بل مجرد الانحراف في الفكر، لذلك يقول الكتاب: “فِكْرُ الْحَمَاقَةِ خَطِيَّةٌ” (أم 24: 9)، و” كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.” ( مت 5: 28).
- الانحراف عن الخير: “فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ.” ( يع 4: 17).
- التغيرات التي استخدمها الكتاب للتعبير عن الخطية:
- الخطية: تك18: 25، رو3: 23 – المعصية: رو5: 9 الذنب: لا26: 2
- الإثم: تي2: 14، أف2: 1 – الشر: أم11: 11 الفجور: ابط4: 8
- التعدي: حز23: 21، اتي2: 14 – الدنس: اتي1: 9
-
ملاحظات هامة:
- مخالفة ما أمر به الناموس، هو خطية بنفس قدر عمل ما نهى عنه الناموس.
- الخاطئ في نظر الله ليس من يعمل خطايا كثيرة فحسب، بل من يعمل خطية واحدة فقط لأنه“لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ.”( يع 2: 10و11). و” لأَنَّهُ مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ.” ( غل 3: 10)، و “لذلك لأجل خطية واحدة طرح بعض الملائكة من السماء” (2بط2: 4)، ولأجل خطية واحدة طُرد آدم وحواء من جنة عدن (تك3: 24)، ولأجل خطية واحدة أمات الله حنانيا وسفيرة (أع5: 1-11).
- القانون الوضعي يحاسب على خطايا الفعل الحرفي، أما الله فيعاقب على خطايا الفكر لأن الإنسان ليس خاطئاً لأنه يفعل الخطية، بل هو يفعل الخطية لأنه خاطئ.
-
هل هناك كبائر وصغائر في الفكر المسيحي؟
ليس هناك كبائر وصغائر فيما يتعلق بالدينونة، لأن الخطية في نظر الله هي خطية سواء بالفكر أو القول أو الفعل، ولكن بلا شك هناك اختلاف فيما يتعلق بنوع الخطية وتأثيرها وعقابها، فالقتل ليس مثل فكر الحماقة، والزنا مع سبق الاصرار غير النظرة الشريرة. والحقيقة التي نؤكد عليها: إن الذي يريد إرضاء الله يمتنع عن الصغائر كما يمتنع عن الكبائر أيضاً.
- ليست هناك خطية بلا غفران إلا الخطية التي لا يتوب عنها الإنسان وسنكمل حديثنا في المقالة التالية.
الكاتب د. فريز صموئيل