بكى الطفلُ فابتسمتِ السماء!

Roma
بكى الطفلُ فابتسمتِ السماء!

  بكى الطفلُ فابتسمتِ السماء!

وسط زحام الحياة، وسعي الإنسان الدائم للبحث عن معنى وذائقة لأيامه، للبحث عن السكينة واطمئنان القلب، وسط عالم تطالعنا يوميًّا أخباره عن: شرور وكوارث، بغضة وكراهية، خيانة، غدر، قتل، أوضاع اقتصادية صعبة، أخبار حروب ومجاعات وفيضانات وأوبئة وزلازل، لا زلت، بعض القصص، تَبرُز أمامنا بمحبةٍ ربَّانيةٍ حانية فائقة، كمناراتٍ تَهدي الروح وتُلهم القلب.

من بين هذه القصص، قصة الميلاد العجيب! تلك التي تحمل في جوهرها دعوةً إنسانيةً عميقة، لكل البشر دون تمييز أو تفريق، للتأمل في العناية الإلهية ببني الإنسان، والتفكُّر بمحبة الخالق لبشرية صارت تحتاج إلى الرحمة والأمل أكثر من أي وقت مَضى.

. هذه القصة، تدعونا لنتوقف قليلًا، ونتأمل في المعاني السامية التي يمكن أن نتسلهمها ونتدبَّرها في حياتنا اليومية.

إنها فرصة لنستكشف كيف يمكن لهذه الأحداث أن تفتح آفاقًا جديدة لفهم محبة الله التي لا حدود لها، ورحمته التي وسعت كل شيء، وكيف يمكن لها أن تملأ أرواحنا بالسلام الذي طالما بحثنا عنه.

❖  سر التواضع في ميلاد المسيح

عندما نتأمل في تفاصيل ميلاد السيد المسيح، له كل التقدير والإكرام في قلوبنا، نجد أنفسنا أمام مشهد يفيض بالروعة والتواضع الإلهي، إذ نؤمن أنه الله الظاهر في جسمٍ إنساني.

لم يولد هذا الطفل العظيم في قصر فخم أو بين مظاهر البذخ، بل جاء إلى العالم في ظروف بسيطة للغاية، في مذود متواضع للبهائم بمدينة بيت لحم. هذا الاختيار للتواضع ليس مجرد حدث عابر، بل هو درس عميق لنا جميعًا. 

إنه يوضح أن عظمة الله ليست في بهرجة القوة والجاه الأرضي، بل قدرته على التنازل والاقتراب من الإنسان، حتى في أضعف صوره. لقد كان هذا النزول ضروريًا ليمشي بيننا، ويعرف آلامنا عن قرب، وليقدم لنا طريقًا واضحًا للعودة إليه. 

ميلاد المسيح يعلمنا أن القيمة الحقيقية للإنسان لا تكمن في مكانته الاجتماعية أو ممتلكاته، بل في جوهره الروحي وقلبه النقي. هذا التواضع يدعونا إلى مراجعة أولوياتنا، وأن نبحث عن الجمال في البساطة، وأن ندرك أن الله يبارك المتواضعين، ويقترب من أصحاب القلوب المنكسرة، وليس المتكبرين. 

إنه ميلاد يكسر كل الحواجز البشرية، ليقول لنا إن المحبة الحقيقية لا تعرف الطبقات ولا الفروقات.

❖  رحمة إلهية غيَّرت البشرية

بعد ميلاده المتواضع، تتجلى روعة شخصية المسيح وحياته في صفحات الأناجيل، حيث نرى فيه نموذجًا فريدًا للمحبة والتضحية. لقد التصق المسيح بالبشر أيَّما التصاق، قضى بين البسطاء والفقراء حياته، يشفي مرضاهم، يطعم جياعهم، ويعزي حزانى قلوبهم. لم يكن بعيدًا عن آلام الناس، بل كان يتألم معهم ويبكي لأجلهم. كان نزوله إلى الأرض أيضًا ليقدم نفسه مثالًا حيًا للكمال البشري الذي يرضي الله. 

معجزاته لم تكن مجرد استعراض للقوة، بل كانت دائمًا تعبيرًا عن رحمته وحبه للناس. فمن شفاء الأعمى والمشلول، إلى إقامة الموتى، كانت كل معجزة تحمل في طياتها رسالة أمل، وتؤكد على أن الخير موجود وأن الله يرعى خلقه. 

تعاليمه كانت كشلال من الحكمة، تدعو إلى التسامح، المحبة، الغفران، وخدمة الآخرين، وهي قيم جوهرية يمكن أن يبني عليها الإنسان حياة كريمة ومليئة بالمعنى. شخصيته السامية كانت مثالًا للعطاء غير المشروط، للصبر في الشدائد، وللثقة المطلقة في الله. 

وعن مجيئه عالمنا المكسور، كان فداء البشرية، وتقديم خلاص نهائي لها من تبعات الخطايا والآثام؛ هو هدفه الأساسي، إذ ورث كل البشر من آدم الذي هو أبو البشرية، طبيعة فاسدة خاطئة؛ لسبب عصيانه للرب.

فعندما أخطأ آدم، حسب إيماننا المسيحي، باستماعه للشيطان بدلا من خضوعه للخالق المحب الرحيم، لم ينفصل فقط عن مصدر النور، بل ورث أيضًا طبيعة الشيطان الفاسدة.

❖  أول خطوة في طريق الخلاص!

والميلاد .. وهو الخطوة الأولى في رحلة مجيء الفادي المخلص لأرضنا كي يُعطينا طبيعة جديدة بعد أن يدفع ثمن خطايا كل البشر بدءا من آدم وحتى آخر إنسان سيبقى على وجه البسيطة.

هذا بكل تفاصيله، إن أردت الاطلاع على المزيد، موجود عبر موقعنا داخل قسم (موحدون أم مشركون – الفداء في المسيحية). 

عودٌ إلى الميلاد، هو قصة حب عظيمة، لا تزال تتجاوز حدود الزمان والمكان، قصة تتحدث عن قلب الخالق تجاه مخلوقاته. وهذا هو جوهر الميلاد. إنه إعلان عن محبة الله اللامتناهية لكل إنسان على وجه الأرض، محبة دفعت العناية الإلهية لتهتم ببشرية تحتاج إلى الهداية والرحمة. 

❖  الخاتمة

في ختام هذه الرحلة الروحية، ندرك أن الميلاد ليس مجرد احتفال يمرُ سريعا بكل مشاعره المبهجة، بل هو رسالة حية تتجدد في كل عام. إنه دعوة دائمة لنا جميعًا، لنتأمل في رحمة خالق تجلت في مجيئه أرضنا. إنها همسة من السماء تخبرنا بأن الله قريب، وأنه يريد لنا الخير والسعادة الأبدية. 

وعنك .. هل تريد أن تختبر الآن هذه المحبة في حياتك؟  هل ترغب في التعرف على المسيح بشكل أعمق، مُختبرًا السلام الحقيقي الذي يقدمه؟ ندعوك بكل محبة لفتح قلبك لهذه الهدية الإلهية. 

وإن كنت ترغب في فهم المزيد، أو لديك أسئلة، أو تود أن تبدأ رحلة الإيمان هذه، فلا تتردد في التواصل معنا عبر موقعنا الإلكتروني. نحن هنا لنجيب على استفساراتك ونشاركك طريق الرجاء والحياة.

●     الكاتب/ مينا نبيل 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك