اثنان في مهمة رسمية

Roma
اثنان في مهمة رسمية

 اثنان في مهمة رسمية

 

 

الهدف في الحالتين كان واحدا! الحرية! ولا شيءَ غير الحرية! لكن حرية مِن ماذا؟! 

من كل ما يقيد الإنسان ويمتهن إنسانيته وكرامته، وحقه الأصيل في أن يحيا في كرامة وظروف معيشية وصحية واجتماعية واقتصادية مناسبة! حقه في التعبير والمعتقد! حقه في العدل! إلى ما آخره!

لكنَّ الثورات لم تكن يوما لأجل الداخل! أي قلب الإنسان ونفسه وفكره وأعماقه! ربما كانت هناك محاولات لتغيير أفكار أو موروثات أو عادات وتقاليد! لكن يتعامل الجميع مع القلب والنفس على أنهما أعماق خفيَّة ربما لا يملك أحد غير الله القدرة على تغييرهما. بالطبع فعلا الأمر كذلك! لكن على الإنسان دور!

هذا الدور يبدأ بطلب المساعدة من الله!

نعود إلى مرجعنا: الثورات! التي هي ليست موضوع مقالتنا! لكن نقول إن الثورات أو محاولات التغيير ربما تنجح في تغيير الواقع، لكنها لا تُغير طبيعة الإنسان الداخلية! لا تُغير نفسه الأمَّارة بالسوء! لا تُنهي على الشر! غير قادرة على تغيير المصير الأبدي!

وبما أننا نتحدث عن الحريَّة دعني أشاركك عزيزي أنا ايضا بحرية عن إيماني!

إيماني أن الله أتى إلى الأرض! ولأنه يحترم القوانين التي وضعها هو بنفسه! أتى للأرض من خلال جسد إنساني، وليس في شكل ملوكي مدهش عجيب غريب مَهيب!

بذلك هو احترم القوانين الطبيعية! وأكَّد على أن قيمة الإنسان في نظره قيمة ضخمة، من قيمته هو شخصيا لأنه خالقه! فاتخاذه جسدا إنسانيا لا يُقلل من عظمة الله، بل يزيد من شأن الإنسان!

دعونا نمرُّ سريعا على حياة السيد المَسيح الذي لا نؤمن أنه إنسان جعلناه إلها، بل إله زار أرضنا في جسمٍ إنساني لأهداف يستحيل على بشر القيام بها! مثل:

١. الحرية من طبيعة الخطيّة

الإنسان ليس خاطئا لأنه يفعل أمورا خاطئة! بل هو خاطئ؛ لأن آدم الذي هو أبو البشرية، امتلك طبيعة داخلية قلبية فاسدة بسبب عصيان أوامر الله، نُسميها في الإيمان المسيحي (طبيعة الخطية)! هذه الطبيعة، ولأنها حرفية تُشبه تماما الـDNA الذي يرثه كل ابن من أبيه، انتقلت لكل البشر من بعد آدم. فصار قلب الإنسان فاسدا أي منبع يصدر عنه الشر دائما! 

لهذا كان لا بُدَّ أن يأتي الرب الذي هو كامل بلا خطية؛ كي يُعاقَب بدلا مني ومنك، بالتالي يصير من حقي وحقك عندنا نؤمن به، أن يُعطينا طبيعة جديدة قادرة على رَفْض الخطية، بالتالي قادرة على فِعل الصواب!

جاء السيد المسيح ليحررنا من جذور الخطيئة ونتائجها، تماما كما أعلن لنا الكتاب المقدس في (رسالة رومية ٦: 18). “وَإِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ.”

٢. الحرية من الجحيم والدينونة

بالتالي؛ وبما أننا أصبحنا نقع في شرورٍ كثيرة؛ بسبب طبيعة الخطية التي صارت في قلوبنا؛ صارت تراودنا دائما مشاعر الذنب، ومشاعر الخوف من العقاب والمصير الأبدي، ليُصبح هذا المصير التعيس ثاني أمر يحررنا السيد المسيح منه بعد تحريرنا من طبيعة لخطيئة! وهذا ما جاء في (إنجيل يوحنَّا ٥: 24): “ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلَامِي وَيُؤْمِنُ بِٱلَّذِي أَرْسَلَنِي، فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلَا يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ ٱنْتَقَلَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ.”

٣. الحرية من الحزن الداخلي واليأس

من ثمَّ، وبالتبعية، نتحرر من ثقل الحزن الداخلي، واليأس من أنفسنا، لهذا الرب لا يعطينا فقط خلاصًا، بل سلامًا وفرحًا لا يستطيع العالم الخارجي أن يمنحه لنا. وهذا ما قاله السيد المسيح بنفسه في (إنجيل يوحنّا ١٤:٢٧): “سَلَامًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلَامِي أُعْطِيكُمْ…”

٤. الحرية من القيود الداخلية (الإدمان – الخوف – الغضب)

المسيح لا يغيِّر السلوك فقط، بل يحرر القلب من القيود الكثيرة الناتجة عن طبيعة الشر المتوارثة (كالإدمان – الخوف – الغضبالكذب – النميمة- الغش- السرقة إلخ).  وهذا ما يقوله الرسول بولس في (رسالته الثانية إلى تلميذه تيموثاوس ١: 7): “لأَنَّ ٱللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ ٱلْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ ٱلْقُوَّةِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلنُّصْحِ.

٥. الحرية من صِغَر النفس وعدم القيمة

في المسيح يسوع أنتَ تأخذ هوية جديدة، بمعنى أنك تتحرر من نظرتك الدُّونيَّة لنفسك، على أنك شخص عاصٍ، الله غير راضٍ عنه، غير محبوب منه، لشخص صار يُدرك أن الرب محا ماضيه، وأعطاه قلبا جديدا، حينها ستشعر بالرضا والراحة والفخر والارتواء والشبع؛ لأنك صرت ابنا لله (ليس بالمعنى الحرفي طبعا) ولم تعُد عبدا لديه!                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            “إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ ٱلْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ ٱلتَّبَنِّي، ٱلَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: يَا أَبَا ٱلْآبُ.” (رسالة رومية 8: 15):

٦. الحرية من عبودية الشهوة

الشهوة ليست فقط كل ما يتعلق بالأمور الجنسية لكن هي السماح للشيء أن يسيطر على قلوبنا؛ والمسيح بالطبع قادر أن يحررك من هذا كله! “لِأَنَّ ٱلْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ ٱلنِّعْمَةِ.” (رسالة رومية 6: 14).

7. الحرية من الجشع وحُب المال

ثق أنَّ السيد المسيح يحرِّر الإنسان من عبودية الجشع، ويملأ قلبه بالقناعة والمحبة، فحين يسكن فيه، لا يعود المال سيدًا بل وسيلة للخير. يقول الكتاب المقدس عن محبة المال، وليس المال في حد ذاته: “لِأَنَّ مَحَبَّةَ ٱلْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ ٱلشُّرُورِ” (رسالة القديس بولس الأولى إلى تلميذه تيموثاوس 6: 10).

خاتمة:

إن كنت قد تعبت من القيود، أو فشلت كل محاولاتك أن تحرر نفسك بجهدك، جاء المسيح ليحررك ويحبك ويعطيك حياة حقيقية. “فَإِنْ حَرَّرَكُمُ ٱلٱبْنُ، فَبِٱلْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا.” (يوحنا 8: 36).

بالحقيقة اثنان في مهمة رسمية! الله جاء الأرض ليحرر الإنسان والإنسان مدعو أن يتعاون مع الله ليعيش نتائج هذا التحرير!

الكاتب/ مينا نبيل  

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك