هل يوجد تشابه بين المَسيح وكريشنا؟!

Roma
هل يوجد تشابه بين المَسيح وكريشنا؟!

 هل يوجد تشابه بين المَسيح وكريشنا؟!

مع انتشار التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، وازدياد العوالم الافتراضية، صارت المعرفة رائجةً متاحة، وصار كثيرون يطرحون على الملأ أسئلةً لم تكن منتشرةً أو مشهورةً أو معروفةً من قبل، لا سيما أولئك الذين يناهضون فكرة سائدة تحت مسمى سماوية الأديان، وصارت هناك محاولات لربط شخصيات دينية ببعضها؛ ما دفعنا أن نتطرق في هذه المقالة للرد على، وتفنيد، شُبهة وجود تشابه بين السيد المسيح يسوع، الذي نؤمن كمسيحيين أنه كلمة الله المتجسد – وبين كريشنا، إحدى الشخصيات الإلهية في الهندوسية.
لهذا سنسلط ضوء المعرفة في هذه المقالة الهامة على الفروق الجذرية الجوهرية بين رسالة السيد المسيح ورسالة كريشنا، وعلى الفوارق بينهما. لكن قبل عمل هذه المقارنة، دعونا نتعرف في إيجازٍ على بعض الخلفيات المتعلقة بكريشنا!

 مَن هو كريشنا؟!

يقولون أن كريشنا هو التجسُّد الثامن للإله فيشنو، والإله فيشنو هو الإله الحامي في “ثالوث الآلهة الهندوسي” (براهما – فيشنو – شيفا). وكريشنا هو واحد من أكثر الشخصيات الشهيرة المحبوبة في الديانة الهندوسية! اشتُهِر بأنه كان رمزا للمحبة الروحية النقية، وأنه شخص قيادي حكيم. وأنه شارك في أحداث ملحمة (المهابهاراتا) كمرشد روحي ومحارب عظيم.
والمهابهاراتا هي واحدة من أضخم وأقدم الملاحم الأدبية في التاريخ البشري، كُتبت باللغة السنسكريتية وتحتوي على حوالي 100 ألف بيت شعري! تشمل أحداثا دينية، فلسفية، أسطورية، وتاريخية عن صراع بعض الملوك. الآن دعونا ننتقل للفرق بين السيد المسيح وكريشنا من حيث:

 أساس العقيدة والمَولد

• السيد المسيح: هو تتميم لنبوات كثيرة وردت في العهد القديم، وقد جاء إلى الأرض ضمن خطة إلهية مُعدَّة مسبقا لخلاص البشر، من طبيعة الخطية التي توارثتها البشرية نتيجة لعصيان آدم وحواء للرب، نؤمن أنه كلمة الله المتجسد: “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.” (يو 1: 14). وقد وُلِد السيد المسيح ميلادا عذراويا بمعجزةٍ إلهية بلا تدخل بشري، تحقيقًا لنبوءات العهد القديم.
• كريشنا: شخصية مركزية في الهندوسية، يُعتبر تجسيدًا للإله “فيشنو”، وقد ظهر في ملحمة “المهابهاراتا” كمعلم روحي وساحر محارب. يُزعم أن كريشنا وُلد من عذراء، لكن النصوص الهندوسية تشير إلى أن والدته، ديفاكي، كانت لديها أبناء قبل ولادته، ونُقل بطريقة سحرية بعيدًا عن خاله الملك كامسا الذي كان يكرهه. مما ينفي فكرة الولادة العذرية.

 أهداف الرسالة

• السيد المسيح: جاء إلى الأرض تجسيدا للمحبة البشرية، وإعلانا لطبيعة الله الحقيقية الصالحة المُحبة، مضحيا بنفسه ذبيحةً كفارية لخلاص البشرية، وإعطائهم طبيعة جديدة بعد تخلصيهم من طبيعة الخطية، ومن نتائجها الأرضية والأبدية. “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو 3: 16).
• كريشنا: كان يعلِّم عن الدارما (وهو مفهوم في الهندوسية يعني الواجب) وعن الكارما (التي تعني أيضا النتائج)، وقد كان يوجِّه الأمير أرجونا لضرورة القتال دون ارتباط بالعاطفة أو النتيجة. كانت دعوته دعوة فلسفية – تأملية في حين دعوة السيد المسيح كانت روحية!

 موت كليهما والقيامة

• السيد المَسيح: صُلب ومات من أجل خطايانا، ودُفن، وقام في اليوم الثالث منتصرًا على الموت واهبا الحياة لكل من يؤمنه به وبعمله الكفاري. “فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ،” (1 كو 15: 3). وقيامة المسيح هي حجر الأساس الذي بُني عليه الإيمان المسيحي! فالمسيح حي الآن ويؤمن الجميع بذلك.
• كريشنا: يُقال إن كريشنا صُلب، لكن الروايات الهندوسية تصف موته بأنه قُتل بسهمٍ خاطيء أطلقه صياد على قدمه، ثم صعدت روحه، وتم حرق جسده حسب العادات الهندوسية. وعن موت كريشنا فهو نهاية بلا دلالة فدائية، لم يقم من الموت فهو ميت الآن وهذا فرق كبير وجوهري.

 مَن سبق مَن؟!
• ظاهريا:
قد تكون قصة كريشنا أقدم زمنيا من قصة المسيح، لكنها ذات طابع أسطوري غير موثق تاريخيًا. في حين أن قصة السيد المسيح فهي موثقة تاريخيا في عدة مصادر معاصرة، لأنه شخص أحدث تغييرا ضخما في التاريخ.
• واقعيا:
جاء التشابه بين القصتين بعد المسيحية، لأن كثير من تفاصيل “رواية كريشنا” الموجودة الآن تم تدوينها بعد القرن الأول الميلادي. بمعنى آخر: قد تكون بعض “الأساطير الهندوسية” تأثرت بالمسيحية، وليس العكس!
في الأخير.. الإيمان المسيحي لا يقوم على أساطير متوارثة، بل على شخص حقيقي موثَّق تاريخيا هو السيد المسيح، الذي غيَّر العالم بحبه، وبذله، وموته، وبقيامته. أما كريشنا، فهو جزء من منظومة دينية هندوسية قائمة على تعدد الآلهة، لها طابع أسطوري يصعب إثبات صحته تاريخيا.
ختاما.. وبعد الاطلاع على كل ما سبق، نطرح تساؤلا هاما: هل التشابه في بعض المواقف أو الرموز كافٍ لنجعل من شخصيتين متباعدتين في العقيدة، والثقافة، والجوهر، شيئًا واحدًا. علينا أن نتمعن ونتدبر في قراءة ودراسة التاريخ؛ حتى نتعرف بأنفسنا وبعد قراءات واعية على الفرق بين التاريخ والأسطورة، بين الخلاص الحقيقي والتأمل الرمزي!

بعض المصادر
– موقع فريق اللاهوت الدفاعي: المسيح وكريشنا – المسيحية والهندوسية.
– موقع maarifa.orgحقيقة التشابه بين كريشنا والمسيح ج1، ج2.
– موقع drghaly.com الرد باختصار على هل المسيحية ماخوذة من كريشنا.
إعداد/ مينا نبيل 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك