تُشبه النُّور.. لكنَّها فِخاخٌ للمُؤمنين

Roma
تُشبه النُّور.. لكنَّها فِخاخٌ للمُؤمنين

 تُشبه النُّور.. لكنَّها فِخاخٌ للمُؤمنين

في زمنٍ امتلأ بتعاليمَ روحيَّة كتابيَّة كثيرة، نجدُ أنَّ:

1-   بعضها يُقدِّمه أتقياءٌ يفحصون كلمة الله، ويُدققون فيها؛ كي يُعطوا المؤمنين دَسَمَ الكلمة، وفَهْمًا حقيقيًّا عميقًا لها، يتوافق مع فكر الرَّب المُعلن في الكتاب المقدس، ومشيئته الصالحة الكاملة المَرضيَّة، فتخترق هذه التَّعاليم حصونَ الُّظلمة النَّاتجة عن عدم المعرفة، أو عدم الإدراك الصَّحيح للحق الكتاب.

2-   في حين نجد تعاليمَ وآراء أخرى، يؤسفني أقول “كثيرةً جدًّا“، متضاربة، أو تبدو روحانيَّة براقة جميلة، في حين هي خاليَة وخاويَة من النَّفْع الحقيقي، القادر على بناء مؤمنين أقوياء، يكونون نورًا وسط عالمٍ مُظلِمٍ حزين.

لهذا، صار من الضروريِّ، بل الحتميِّ جدًّا، أن نُميِّز بين ما يبدو روحيًّا، وما هو في الحقيقة مُجرَّد خِداع، مُغلَّف بثَوب النَّور. فكما قال الكتاب: “وَلَا عَجَبَ! لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلَاكِ نُورٍ!” (٢كُورِنْثُوسَ ١١: ١٤).

  هنا، نستعرض سريعًا بعضًا من الأفكار الَّتي طالما انخدع بها ومنها المؤمنون: 

  طالما قلبي نضيف، مش لازم أعيش بتدقيق

      مثال عملي:

مثلًا شابٌّ يحبُّ الرَّبَّ، يواظب على حضور الاجتماعات الرُّوحيَّة، لكنه يتهاون ويتفاوت دونَ جَديَّةٍ روحيَّة أو انضباط، فيسمح لنفسه ببعض الكذب، أو مشاهدة أمورٍ غير نقيَّة، قائلًا في نفسه: “الله يعرف قلبي، وأنا لا أقصد الشر“.

      التَّصحيح:

نعم، الرَّبُّ يهتمُّ بالقلب، لكنه يدعونا أيضًا إلى حياة قداسة كاملة، تَظهر في السلوك والكلام والنَّظرات:

بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ.” (١بُطْرُسَ ١: ١٥).

   ربنا كده كده بيحبني، عادي يعني أما أقع كل شويَّة أنا مش ملاك

   مثال عملي:

شابٌّ مرتبط بعَلاقة عاطفيَّة غير مُقدَّسة، ويُبرِّر الاستمرار قائلًا: “الله يعلم ضعفي، وهو غفورٌ رحيم“.

    التَّصحيح:

محبّة الله لا تُبرِّر أبدًا الاستمرار في السُّقوط، بل تدفعنا للتوبة والنهوض والعيش في طهارة. “أَنَبْقَى فِي الْخَطِيَّة لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ؟ حَاشَا!” (رُومِيَّة ٦: ١–٢).

  أنا بسمع صوت ربنا جوايا.. فمش لازم أقرأ الكلمة كتير

   مثال عملي:

مؤمن يَدَّعي أنَّ الرُّوح القدس قاده لاتخاذ قرارٍ مُعيَّن، لكن قراره هذا لا يتفق مع كلمة الله الواضحة الصريحة المُباشرة في كل زوايا الحياة، في حين أن هذا المؤمن نادرًا ما يقرأ الكتاب المقدس أساسًا.

     التَّصحيح:

الروح القدس لا يناقض تمامًا ما جاء في الكلمة، ومَن لا يتغذَّى يوميًّا على الكتاب، ويلهج في تعاليمه متأملًا بها، قد ينخدع بسهولة شديدة بصوته الداخلي أو مشاعره، مُعتقدًا بالخطأ أنها صوت الرب له. “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ.” (٢تِيمُوثَاوُسَ ٣: ١٦).

  الهدف يبرر الوسيلة.. طالما أنا بخدم ربنا

     مثال عملي:

خادمٌ يُبالغ في نتائج خدمته، أو يُجامل ويُساوم؛ فيتجنَّب أو يَخشى من إعطاء الحق الكتابي كاملًا واضحًا نقيًّا على حساب الحقيقة الإلهيَّة؛ ليكسب التأثير في الحضور، ويحظى بقبولهم له؛ فيكسب شعبيَّة جارفةً ليست بحسب مقاصد الرب، معتبرًا ذلك نجاحًا من الرب.

      التَّصحيح:

يُسرُّ الرَّبُّ بالطاعة أكثر من المظاهر. الوسيلة يجب أن تكون طاهرةً كالمقصد. “هُوَّذا الاِسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ.” (١صَمُوئِيلَ ١٥: ٢٢).

  أنا كويس مقارنةً بغيري

     مثال عملي:

كمؤمنٍ يقولُ مثلًا: “أنا لا أخطئ مثل فلان، بل أذهب إلى الكنيسة، إذًا أنا بخير أمام الله“.

      التَّصحيح:

المقياس ليس الناسُ أبدًا، بل صورة المسيح التي يُريدنا أن نتغيَّر إليها؛ لنُشابه صورة ابنه. فدعوتنا أن نكون كاملين كما هو كامل. “فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.” (مَتَّى ٥: ٤٨)

 كيف أميز إذًا التَّعليم الكتابي الصَّحيح من الخاطيء؟

عن طريق العناصر التَّاليَة:

  •     هل الفكرة تتفق مع ما تقوله كلمة الله أم لا؟
  •    هل تُمجِّد المسيح أم الذَّات؟
  •    هل تدفعني للتوبة أم تُخدِّر ضميري؟

اطلب من الرب الآن.. أن يمنحك نعمة الفَرز الروحي، كما صلى بولس: “وَهذَا أُصَلِّي: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُم أَيْضًا فَأَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، حَتَّى تُمَيِّزُوا الْأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ.” (فِيلِبِّي ١: ٩–١٠).

  خاتمة:

ليس كل ما يبدو روحيًّا هو من روح الله القدوس، العالم مليء بالأصوات، لكن القطيع فقط يعرف صوت الراعي الحقيقي. عزيزي.. “تمسَّك بالحق، كن صاحيًا؛ لأنَّ الأيَّام شريرة، والعدو يُتقن الخِداع والتَّضليل والتَّمويه:” “ٱسْهَرُوا وَٱثْبُتُوا فِي ٱلْإِيمَانِ، كُونُوا رِجَالًا، تَشَدَّدُوا.” (١كُورِنْثُوسَ ١٦: ١٣).

الكاتب/ مينا نبيل

 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك