هل الله ينقض عهده ؟
Roma
هل الله ينقض عهده أم لا ينقض عهده ؟
يقول (مز89: 34) لا انْقُضُ عَهْدِي وَلاَ أُغَيِّرُ مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيَّ.
هذا هو الطبيعي وهذا مقبول في صفات الله سبحانه وتعالى أن الله ليس بناقض للعهد كما في المزمور وهو كلام الله لداوود
ولكننا في موضع آخر من الكتاب المقدس نجد أن الرب ينقض عهده “فأَخَذْتُ عَصَايَ [نِعْمَةَ] وَقَصَفْتُهَا لأَنْقُضَ عَهْدِي الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ كُلِّ الأَسْبَاطِ. فَنُقِضَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَهَكَذَا عَلِمَ أَذَلُّ الْغَنَمِ الْمُنْتَظِرُونَ لِي أَنَّهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ. (زك11: 10،11)
فمن نصدق؟ كلام داود أم كلام زكريا؟
هذا التناقض المزعوم في صفات الله في الكتاب المقدس وهمي جداً, فالعبارات المستخدمة بها ألفاظ شكلها متناقض ولكن ذلك لأنها في سياقين مختلفين, فإذا فهمنا السياقين لوجدنا أنه لا يوجد أية تعارض
اسمح لي أطرح اسئلة بهدف التوضيح
ما هو العهد؟
العهد كلمة تأتي من كلمة المعاهدة، والمعاهدة هي اتفاق يعقد بين طرفين، على كل طرف شروط يجب أن ينفذها … وهذه الشروط تسمى بنود العهد، والناموس الكتابي يسميه الله ناموس العهد … وفيه يعطي الله قوانينه للإنسان، ويقدم عهوده بالمقابل للإنسان، فتكون القوانين أمام العهود، عندما يلتزم الإنسان بالقوانين يحصل على العهود.
لذا فالله لا ينقض عهوده … وإنما إذا أخل الإنسان بشروط العهد الخاصة به لا يجد البركة الموعودة. فالإنسان هو الذي ينقض العهد. هذا العهد المشروط هو ما نوه عنه النبي زكريا في الأصحاح الحادي عشر، وليتك تقرأ الأصحاح كله، الله لم ينفذ (نقض) عهده لأن الانسان لم يلتزم بدوره في تنفيذ العهد, فلماذا التعجب؟!
وهذا العهد المشروط موجود في القرآن … يعد الله المؤمنين بالجنة … ولكن إذا كفر المؤمن هل سيدخل الجنة؟ … الذين أعلنوا عصيانهم بعد إسلامهم فور موت نبي الإسلام, هل سيدخلون الجنة؟ أم سينقض الله عهده معهم بسبب ردتهم عن الأسلام؟ أتكلم هنا بحسب الفكر الإسلامي والذي بالتأكيد لا يرفض منطق العهد المشروط.
لا يسعني إلا أن أقدم شكراً لله لأنه في سفرأرميا تنبأ النبي عن عهد جديد من طرف الله وحده,
“لَيْسَ كَالْعَهْدِ الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُهُمْ بِيَدِهِمْ لأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، حِينَ نَقَضُوا عَهْدِي فَرَفَضْتُهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. بَلْ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. وَلاَ يُعَلِّمُونَ بَعْدُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ، قَائِلِينَ: اعْرِفُوا الرَّبَّ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأَنِّي أَصْفَحُ عَنْ إِثْمِهِمْ، وَلاَ أَذْكُرُ خَطِيَّتَهُمْ بَعْدُ.” (ارميا 31: 32-34)
لذلك لن يكون لهذا العهد أي نقض, وقد جاء ذلك العهد بعد أن أتم السيد المسيح مهمته الخلاصية وصالحنا مع الله، وجاء روح الحق المعزي ليسكن في كل الذين قبلوا المسيح مخلصا لحياتهم …
الكاتب / عماد حنا