هل معقول ؟!

Roma

هل معقول ؟!

كيف يركب رجل على حمار وجحش معاً في نفس الوقت ؟

يقول متى: “وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا.” (مت21: 7)

لفهم هذه المُعضِلة الظاهرية ينبغي الاستعانة بما قاله مرقس الإنجيلي: “وَقَالَ لَهُمَا:«اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِه” (مرقس 11: 2, مع لوقا 19: 30).
العبارة الأخيرة (جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.) هي مفتاح الحل لفهم هذا الأمر. وبحسب (متى 21: 7) “وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا.” وينوه متى أن هذا الذي حدث هو تتميم للنبوة المذكورة في سفر زكريا الذي يقول: “اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ.” (زك9: 9)

ومن هذه النصوص يتضح التالي:

أن الجحش لم يجلس عليه أحد من الناس من قبل، ولكي يهدأ ينبغي أن يؤتى بأحد الوالدين (إما الحمار أو الأتان)، وهنا قد جيء بالأتان مع الجحش. فمن المعروف أيضاً أن تقديم الجحش إلى الخدمة (سواء للحراثة أو للحمل أو للركوب)، ينبغي أن يتم برفقة الحمار أو الأتان (أحد الأبوين) لكي يهدأ الجحش.
الأمر الآخر الذي هو بحاجة إلى الانتباه، ومن خلال الاستعانة بالنص اليوناني لما جاء في متى يتضح أن البشير استخدم ضميرين شخصيين في العدد الجمع وللشخص الغائب (عادة يتم استخدام هذا الضمير للدلالة على الملكية). يستخدم البشير متى الضمير الأول ليقول أن الناس وضعوا الثياب عليهما (حرفيّاً عليهم لأن اللغة اليونانية ليس فيها مثنى لذلك يتم اللجوء إلى العدد الجمع) أي على الأتان وعلى الجحش. أما الضمير الثاني فيستخدمه البشير متى مع الثياب (وجلس عليهم) أي جلس على الثياب. علماً أن كلمة الثياب وردت في العدد الجمع وليس المفرد أو المثنى. كذلك الضمير الأول أقرب إلى الحيوانين، والضمير الثاني أقرب إلى الثياب من جهة ترتيب الكلمات في الجملة اليونانية، مما يؤكد من الناحية القواعدية جلوس يسوع على الثياب التي على الجحش وليس على الجحش والأتان.
الأمر الآخر هو أن الجحش والأتان يسيران جنباً إلى جنب مما يعني الوحدة الجامعة. فحتى إن كان النص العربي يقول جلس عليهما فهذا لا يعني بشكلٍ حرفي، لأنهما كانا يسيران جنباً إلى جنب، كما أن النص اليوناني واضح جداً.

يتضح هذا الأمر أكثر من خلال الاستعانة بالترجمة السريانية لهذا النص، وهي الترجمة المعروفة باسم (البشيطا) أي البسيطة. حيث فهم المترجم النص اليوناني تماماً، ولكي يُزيل سوء الفهم قام بترجمتها بالشكل التالي: “وأتوا بالحمار والجحش ووضعوا على الجحش ملابسهم فركب عليه يسوع.”

الكاتب / عماد حنا 

 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك