هل تصدق هذه العبارة ؟
Roma

هل تصدق هذه العبارة ؟
يقول يوحنا “وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ.” (يو21: 25)
للعقلاء أسأل: هل يتخيل عاقل على وجه الأرض أن يوحنا صادق في هذه العبارة؟ إن القارئ لهذه العبارة قد يتخيل أن يوحنا يقصد كل معجزات يسوع أو تاريخ حياة يسوع، لكن الأمر غير ذلك فإن يوحنا يتحدث عن المعجزات التي فعلها يسوع بعد قيامته من القبر وهو في خلال أربعين يوماً كما يقول في سفر أعمال الرسل
“اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ (أع1: 3)
بالله عليكم هل ما يقوله الرجل معقول ؟ لو فرضنا أنه صنع خمسة معجزات وليكن عشرة في اليوم الواحد الذي يظهر لهم فيه في خلال الأربعين يوماً أي عشرة في اليوم الواحد في خمس مرات أو ستة مرات ظهر فيها ما يساوي ستين معجزة على أقصى تقدير .. فهل كتب العالم كلها لا تسع ستين معجزة من معجزات يسوع ؟
ألم تسمع مطلقاً عن صيغة المبالغة والتي هي كناية عن الكثرة؟ .. ومع ذلك في واقع الأمر كلام يوحنا لم يكن مبالغة أبدا، هو تقرير لحقيقة واقعة
لقد فهمت أن العبارة التي يقصدها البشير يوحنا هي ما بعد القيامة، وسؤالي هو ما دليلك على هذا؟ أن انجيل يوحنا يسرد تاريخ المسيح منذ البدء، ليس حتى منذ بدء ميلاد المسيح من السيدة العذراء مريم، بل قبل ذلك بكثير، لقد بدأ منذ البدأ الذي لا يستطيع البشر إدراكه، “في البدء كان الكلمة”
فلماذا أنت فهمت أن الأشياء الأخرى التي فعلها يسوع لن تسع الكتب المكتوبة كانت بعد القيامة فقط؟!! لا دليل أو نص يمكن أن يفهمنها هذا، إذا فالكلام يتكلم عن تاريخ يسوع منذ البدء. هذه بداية القول
إذا فما صنعه يسوع ليس محدوداً في الثلاث سنوات التي خدمها، ولكنه كان يعمل ولا يزال يعمل إلى الآن، لقد قال السيد المسيح أنه من قبل يولد إبراهيم هو كائن, فهو لا يزال يعمل منذ الأزل، والى الأبد، هو الأول والآخر, هو البداية والنهاية, فإذا دونا كل الأعمال لن تسع الكتب المكتوبة.
هناك عدة إشارات إلى أن الرب يسوع المسيح كان يعمل معجزات كثيرة، لكن اختار البشيرون الأربعة أن يدونوا فقط ما ارتأوه مهماً لأهداف تقع ضمن سلطان الوحي, والجهة التي تم إرسال البشارة إليها. فكما ذكرت لك سابقاً، مفهوم الوحي يختلف عندنا عما هو لديكم.
اقرأ معي لو سمحت هذه الآيات التي توضح أن الرب يسوع المسيح له كل المجد، كان يصنع معجزات كثيرة لم يرى كتّاب الأناجيل أن يدونوها جميعها، فلاحظ ما ورد في بشارة متى 4: 23-25 “23 وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب. 24 فَذَاعَ خَبَرُهُ فِي جَمِيعِ سُورِيَّةَ. فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالْمَجَانِينَ وَالْمَصْرُوعِينَ وَالْمَفْلُوجِينَ، فَشَفَاهُمْ. 25 فَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَالْعَشْرِ الْمُدُنِ وَأُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ.”
انتبه إلى عبارة “كل مرض” و “كل ضعف” في الشعب. كذلك الآية 24 حيث يذكر البشير إن أعداداً كبيرة من الناس المرضى بأمراضٍ مختلفة كان يؤتى بها عند الرب يسوع المسيح لكي يشفيهم، وكان يشفيهم. فكانت جموع كثيرة تتبعه.
كذلك يدوّن لنا البشير متى حادثة أخرى قصيرة ولكن غنية: “وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً، فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى، فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ:«هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».”(متى 8: 14-16)
نجد نفس الأمر يتكرر في الفصل الذي يليه “وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ.” (متى 9: 35) فنلاحظ أن البشير يُعطينا لمحة من حياة السيد المسيح في كل مرة، وقد كان هذا هو شغله الشاغل خلال السنوات الثلاث ونصف السنة من آخر أيام حياته على الأرض.
اقتباس آخر من متى “فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ، فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذلِكَ الْمَكَانِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ.” (مت14: 34-36)
تخيّل معي لو أن كلاً من متى، مرقس، لوقا ويوحنا كتبوا كل حادثة شفاء وكل معجزة مهما كان نوعها، بالتفصيل، وما يدور معها من كلام ونقاش فهل تعتقد أن الكتب التي ذكرها يوحنا البشير كافية لتدوين أعمال الرب يسوع المسيح المعجزية؟ لا أظن. ليس هذا فقط، ولكن حتى بعد أن صعد المسيح لا يزال بأسمه تحدث المعجزات، إلى الآن، فلذلك تسجيل كل شيء لن يكفي الكتب الموجودة
الكاتب / عماد حنا