هل يوحنا المعمدان هو إيليا ؟
Roma

هل يوحنا المعمدان هو إيليا ؟
إذا كان من المفترض أن يسبق مجيء المسيح نزول إيليا من السماء كما قال المسيح للتلاميذ وأيد رأيهم في ذلك، وإذا كان كاتب الإنجيل إدعى زوراً وبهتاناً أن إيليا قد جاء وأن إيليا هو يوحنا المعمدان وأنكر يوحنا، ها الأمر ورفض أن يكون إيليا بصريح النص أعلاه؟ فكيف يكون يسوع هو المسيح المنتظر مع مراعاة إنكار يحي أنه إيليا؟
أنت تسأل: هل يوحنا هو إيليا؟ … وأنا أقول لك نعم، رغم أن يوحنا نفسه قال أنه ليس إيليا، ومع ذلك يوحنا لم يكن كاذباً أما دليلي على ذلك فهو التالي، تتبع معي وكن صبوراً:
يطرح التلاميذ سؤالاً على السيد المسيح مباشرةً بعد حادثة التجلّي هو: فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولا ؟
فكان رد المسيح هو بالإيجاب: إن إيليا يأتي أولا ويردّ كل شيء
في الواقع كان سؤال التلاميذ من وحي ما حدث في حادثة التجلي (في متى 17: 1-6)، تلك الحادثة التي فيها تحول هيئة يسوع إلى هيئة مجيدة وظهور كل من موسى وإيليا معه على الجبل، هناك رأوا بأعينهم كل من موسى وإيليا، وقد تذكروا أن العهد القديم في سفر ملاخي “«هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ».” (ملاخي4: 5) يتحدث عن مجيء إيليا قبل أن يأتي المسيح، لذلك توارد إلى ذهنهم تساؤلاً له ما يبرره، والسؤال الذي سألوه كان من وراءه سؤال آخر
إن كنت أنت المسيح فلماذا لم يأتِ إيليا قدّامك؟!!
فيرد السيد المسيح على تساؤلهم … “وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ:«فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْء. لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.” (متى 17: 10-13)
نلاحظ في هذه الفقرة رد السيد المسيح على التلاميذ وهو أمر في غاية الأهمية. وهو هدف مجيء ايليا. كما أنه قال أن أيليا بالفعل أتى
فما هو الأمر الذي جاء إيليا لكي يرده؟ الجواب رأيناه في نبوة ملاخي 4: 5 التي اقتبستها أعلاه، وهو نفس العمل الذي جاء يوحنا المعمدان ليعمله. فنقرأ عن النبوة بولادة يوحنا المعمدان “فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، أَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ.” (لوقا 1: 11-17 )
انتبه إلى آخر عددين من هذا المقطع، 16-17، حيث يقول الملاك مبشراً زكريا والد يوحنا بنبأ الولد القادم، فهو سيرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم، كما أنه يتقدم بروح إيليّا وقوته، ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار. فقد كانت مهمة يوحنا المعمدان هي مهمة الإعداد وتهيئة قلوب الناس لكي تستقبل مسيحها ومليكها وربها (لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا). لكنهم بدلاً من ذلك قاموا بقتل يوحنا المعمدان. كما أن النص واضح وهو أن يوحنا سوف يتقدم بروح إيليّا وقوته، وهذا ليس إدّعاء المسيحيين بأن يوحنا يأتي بروح إيليا كما تفضلت في اعتراضك
ولكن الوحي المبارك يقول أن يوحنا يأتي بروح إيليا وقوته فلماذا هذا التضارب بين الوحي المبارك وكلام يوحنا المعمدان، والذي هو بدوره وحي مبارك؟. لماذا قال يوحنا المعمدان أنه ليس إيليا كما تفضلت واقتبست من إنجيل يوحنا, لأنه ببساطة ليس إيليا بشخصه, ولكن به روح إيليا, ومهمة إيليا وقوته. وإذا أردت أن تقارن بين إيليا وبين يوحنا ستجد الكثير والكثير من الأمور المتشابهة التي تؤكد أنه جاء بروح وقوة إيليا؛ فالاثنين سكنا في البرية, والاثنين أكلا نفس الأكل ولبسا نفس اللباس, والاثنين كانت لهما أخلاقيات واحدة, وطالبا إسرائيل بالتغيير, وأخيراً الاثنان كان لهما أحتكاك مباشر بالسلطة, الأول بالملك آخاب والثاني بالملك هيرودس. أليس هذا التشابه لافتاً للانتباه؟!
دليل آخر, يوحنا الذي جاء بروح إيليا قال عن نفسه عندما سألوه من هو, “قَالَ:«أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ” (يوحنا 1: 23), فهو أيضاً بشخصه جاء تطبيقاً لنبوة إشعياء. اقرأ معي النبوة “صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ »أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا كُلُّ وَطَاءٍ يَرْتَفِعُ، وَكُلُّ جَبَل وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَيَصِيرُ الْمُعْوَجُّ مُسْتَقِيمًا، وَالْعَرَاقِيبُ سَهْلاً فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ«.” (سفر اشعياء40: 3-5).
الكاتب/ عماد حنا