تحريم لتعدد الزوجات في العهد القديم؟
Roma

تحريم لتعدد الزوجات في العهد القديم؟
كم طالبنا النصارى أن يأتوا بدليل واحد على لسان المسيح يمنع فيه التعدد فعجزوا، وكل ما يستدلوا به إنما هو تمويه وليس فيه ما يصلح للإحتجاج
فنراهم يستدلون بما جاء في متى
“وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟، فَأَجَابَ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: «مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. ( مت19: 3-5 )
في الحقيقة هذه العبارات ليس فيها منع التعدد، ولا نجد جملة واحدة تقول ممنوع التعدد او لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة،
وغاية الكلام هنا هو منع الطلاق وليس غير، وهذا ما سأله الفريسيون من البداية وهذا ما عناه المسيح عليه السلام. فكما أن إتحاد الرجل بزوجته ليس حقيقياً
بل مجازاً فكذلك من الممكن بكل سهولة أن يكون إتحاده بإمرأة أخرى ويصيرا جسداً واحداً أيضاً.
والسؤال هو:
المحتوي
أين نجد نص واحد صريح من الكتاب المقدس يحرم تعدد الزوجات ؟
وهل كان هناك تحريم لتعدد الزوجات في العهد القديم؟
أننا لسنا مضطرين أساساً إلى التعدد، فنحن نرى الخليقة وكيف صُنعت؛ الله صنع حواء واحدة لآدم واحد فلماذا نغيّر ما فعله الله دون وجود نص واضح يبيح التعدد؟!! أعتقد أن أي كلام آخر في هذا الموضوع يعد تكراراً لا طائل منه. ولكن لأني أجد نفسي مضطراً أن أوضح النص الذي استندت عليه لتنفي تبريرات المسيحيين،
أعود وأسرد النص ولنر كيف لا يكون هذا النص سبب قوي لرفض تعدد الزوجات، اقرأ معي لو سمحت،
“وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ:«هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». قَالُوا لَهُ:«فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» فَقَالَ لَهُمْ:«لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ»” (متى 19: 2-11)
وهنا نحن بحاجة إلى أن نتمعن في النص لكي نفهم تماماً قصد الفريسيين وقصد الرب يسوع من جهة هذا الأمر.
فالفريسيون أرادوا أن يجربوا الرب يسوع المسيح له كل المجد بالقول،
هل يحق للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟
فما كان من الرب يسوع المسيح إلاّ أن قادهم إلى بداية الخليقة (متى 19: 3، 7). وقام بتوضيح أهمية الرباط المقدس المدعو (الزواج).
فهناك قدسية في الزواج ومتى ما تم الارتباط بين الرجل (الواحد) والمرأة (الواحدة)، فهو بمثابة رباط دائم لا ينفصل، لأن ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان.
أما تركيز الفريسيين فهو بسبب الشهوة الرديئة التي كان يتسم بها هؤلاء الذين أتوا ليجربوا الرب يسوع. سياق النص يؤكد أن الرب يمنع تعدد الزوجات،
بدليل ما قاله في العدد الثالث والعدد السابع. وكذلك العدد الثامن. حيث يؤكد الرب يسوع أن الطلاق يقتصر فقط على الزنى. وحتى عند حدوث الزنى،
فالذي يطلق امرأته ينبغي أن يمكث بدون زواج. لهذا السبب اعترض تلاميذ الرب يسوع المسيح قائلين في العدد التاسع،
إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ! ثم يرد عليهم الرب يسوع بالقول بأن ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل فقط الذين أعطيَ لهم
(أي فكرة المكوث بدون زواج بعد الطلاق بسبب الزنى).
ما يقدمه الرب يسوع هو مثال الحياة السامية التي تدعو إلى الطهارة والتقديس. لذلك يتحدث عن ثلاث فئات من الرجال (وأعتقد أنه ينطبق على النساء أيضاً)،
النوع الأول الذين وُلدوا خصيان من بطون أمهاتهم، والنوع الثاني الذين خصاهم الناس، والنوع الثالث الذين خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السموات. بالنسبة للنوع الأول، هناك بعض الرجال المولودين وليس لهم القدرة على الإنجاب، إما بسبب ضمور في الأجهزة التناسلية أو أي سبب آخر، فيكون الزواج بلا معنى في هذه الحالة، وهكذا ينبغي أن يظل هذا الشخص بلا زواج.
أما النوع الثاني، فهو ينطبق على الخصيان (العبيد) الذين كانوا يخدمون في البلاط الملكي أو الأميري. فهؤلاء لكي يكونوا قادرين على الخدمة في مثل هذه الأماكن الحساسة كان يُشترَط عليهم أن يتم خصيهم لضمان عدم تحرشهم بالحريم الملكي أو الأميري.
أما النوع الثالث، فهو حر الإرادة، لكنه يختار أن يخصي نفسه من أجل الملكوت. مع أن هذه العملية هي رمزية لأنها تدعو إلى قهر الجسد بالرغم من تواجد كل المقومات الجنسية لإتمام الزواج، إلاّ أن البعض أخذها بشكل حرفي، ولنا مثال حي من تاريخ الكنيسة، أوريجانوس المصري من الاسكندرية، حيث قام ببتر عضوه الذكري من أجل أن يظل خادماً أميناً للسيد المسيح، ولكي يكون نافعاً في خدمة الملكوت.
وبما أنك اقتبست من رسائل بولس، أقتبس أنا أيضاً هذا النص “وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا:
فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. وَلكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا، لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا. لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ. لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ. لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ. وَلكِنْ أَقُولُ هذَا عَلَى سَبِيلِ الإِذْنِ لاَ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ. لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ كَمَا أَنَا. لكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ الْخَاصَّةُ مِنَ اللهِ. الْوَاحِدُ هكَذَا وَالآخَرُ هكَذَا.” (1كورنثوس 7: 1-7)
لاحظ العدد الثاني مع الانتباه إلى أن النص عام ولا يتحدث عن أساقفة أو شمامسة؛ كل واحد له امرأة واحدة، وكل واحدة لها زوجٌ واحدٌ، فأين هو تعدد الزوجات؟
ثم لاحظ قدسية الزواج، فلا يوجد سلب ولا يوجد مبدأ أن الرجل هو سيد الموقف وعلى الزوجة أن ترضخ لزوجها (أي أن النساء ليست حرثٌاً لنا نحن المسيحيون)،
بل لكل واحد سلطان على جسد الآخر، ولكن يكون الأمر بالموافقة، من أجل التفرغ للصوم والصلاة.
الكاتب /عماد حنا