صعود السَّيد المَسيح ومِيلاد الكنيسة
Roma

صعود السيد المسيح وميلاد الكنيسة
بعد صعود الرَّب يسوع، ابتدأت الكنيسة الأولى رحلتها في عالم مليء بالتحديات، لكنها كانت تنطلق بقوة الروح القدس،
إذ كانت تُؤسَّس على تعليم الرب، والشركة والخدمة، والشهادة حتى وسط الاضطهادات.
المحتوي
من العُليَّة إلى يوم الخمسين
بعد أربعين يومًا من القيامة، كان الرَّب يسوع يظهر لتلاميذه، ويحدثهم عن ملكوت الله، ويضع لهم برنامج الكرازة: أورشليم، اليهوديَّة، السامرة،
إلى أقصى الأرض، ثم صعد من جبل الزيتون (أعمال ١: ١-١٤).
رجع الرسل إلى أورشليم حيث اجتمعوا مع “نحو مائة وعشرين” شخصًا، وقرروا اختيار رسول بديل ليهوذا،
فوقع الاختيار بعد الصلاة والقرعة على متياس (أعمال ١: ١٥-٢٦).
ومتياس هو التلميذ الذي اختير ليحلَّ محل يهوذا الإسخريوطي، وكان من الذين عايشوا الرب يسوع منذ المعمودية حتى صعوده، ليكون شاهدًا على قيامته.
وفي يوم الخمسين، حلَّ الروح القدس على التلاميذ بهبوب ريح وظهور ألسنة كأنها من نار، وابتدأوا يتكلمون بألسنة. سمع اليهود من كل الأمم بأورشليم، التلاميذَ يتكلمون بلغاتهم عن أعمال الله العظيمة المجيدة، فاتهموهم بالسُّكر (أعمال ٢: ١-١٣).
هنا وقف بطرس وألقى عظته الأولى، مُعلنًا أن يسوع الذي صلبوه هو الرَّب والمَسيَّا الذي كان مُنتَظرًا، وأن ما حدث هو تحقيقٌ لنبوات العهد القديم. تقبَّل الكثيرون الرسالة، وكانوا نحو 3000 نفس، فكانت هذه بدايَة الكنيسة الأولى (أعمال ٢: ١٤-٤٢).
كنيسة حيَّة في شركة وخدمة
بعد حلول الروح القدس، عاش المؤمنون في شَركةٍ روحيَّةٍ حقيقيَّة، يواظبون على تعليم الرسل، وكسر الخبز، والصلاة. وكان كل شيء بينهم مشتركًا، ويخدمون بفرح، ويؤيد الرَّب خدمتهم بالآيات والعجائب (أعمال ٢: ٤٣-٤٧).
كانت المعجزات تُظهِر قوة الرَّب وتؤكد صدق رسالة الرسل، فكان المرضى يُشفَون، والمقيدون يتحررون، وتتعزَّى الكنيسة.
ومع ازدياد الأعداد، بدأ الرسل ينظمون المسؤوليات؛ لتلبيَة الاحتياجات، فكان الذين لديهم ممتلكات يبيعونها ويأتون بأثمانها للرسل؛
ليوزِّعوها على المُحتاجين. لكن قصة حنانيا وسفيرة كشفت لنا عن خطورة الرياء، إذ كذبا على الروح القدس بشأن ثمن الحقل الذي باعاه، فاحتفظا بجزءٍ من المال؛
مُدَّعين تقديمه كله؛ فماتا؛ فصار خوفٌ عظيمٌ على الكنيسة كلها (أعمال ٥: ١-١١).
جرت آيات وعجائب كثيرة في ذلك الحين، حتى إنَّ ظِلَّ بطرس كان يشفي المرضى، واستمرت الكنيسة في الخدمة بقوة.
بطرس يشهد وسط المقاومة
ذهب بطرس ويوحنا إلى الهيكل وشفيا رجلًا أعرج منذ ولادته باسم يسوع. انتهز بطرس الفرصة وألقى عظته الثانيَة في رواق الهيكل؛
ليؤكد أن يسوع هو المسيح، فآمن كثيرون وازداد عدد الرجال إلى نحو خمسة آلاف (أعمال ٣: ١-٢٦).
قبض الكهنة والصدوقيون على بطرس ويوحنا بسبب الكرازة بقيامة يسوع، ووضعوهما في السجن. في اليوم التالي،
وقفوا أمام مجلس السنهدريم، وهو الهيئة القضائيَّة العُليا في اليهوديَّة، المكوَّن من رؤساء كهنة وشيوخ وكتبة، وكان مختصًّا بالحُكم في القضايا الدينيَّة والتعليميَّة.
وقد سُئلوا بأيَّة قوة صنعوا هذه المعجزة، فأجاب بطرس بشجاعة أن ذلك باسم يسوع المسيح الناصري، ولا خلاصَ بأحدٍ غيره (أعمال ٤: ١٢).
ومع أنهم كانوا غير متعلمين، تعجَّب المجلس من جرأتهم، ولم يجدوا عِلةً لمحاكمتهم، فهددوهم وأطلقوهم، لكنهم لم يتوقفوا عن الكرازة (أعمال ٤: ١-٢٢).
تنظيم داخلي وثبات خارجي
عاد بطرس ويوحنا إلى الكنيسة وأخبروهم، فرفع الجميع صوتًا واحدًا للصلاة، وامتلأوا مجددًا من الروح القدس (أعمال ٤: ٢٣-٣١).
وفي مواجهة مشاكل التوزيع داخل الكنيسة، تم اختيار سبعة شمامسة مملوئين من الروح القدس والحكمة؛
ليهتموا بخدمة الموائد، بينما تفرغ الرسل للكلمة (أعمال ٦: ١-٨).
من بين الشمامسة استفانوس، الذي صنع آيات وعجائب، لكنه اتُّهِمَ بتهمة التجديف. وقد دافع عن الإيمان بخطاب قوي يربط تاريخ إسرائيل بالمسيح،
وإذ أعلن إيمانه بيسوع، رُجِمَ خارج المدينة، وصلى: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ ٱلْخَطِيَّة» (أعمال ٧: ٦٠)، ليُصبح أول شهيد للمسيح.
ختامًا..
هكذا تأسَّست الكنيسة الأولى بالصلاة والروح القدس والتعليم والمحبة، وواجهت الاضطهاد بالشهادة والثبات. ولا تزال دعوتُها قائمةً لكل مؤمن اليوم،
أن يكون شاهدًا حقيقيًّا للمسيح في حياته، وسط العالم، حتى أقصى الأرض.
الكاتب/ الشيخ فيكتور فهمي عويضة، شيخ الكنيسة الإنجيليَّة بالقُلَلِي