يوم أن مات الخوف
Roma

يوم أن مات الخوف
في لحظاتٍ قليلةٍ، عندما حدثت الزوبعة، بدا الأمر كما لو كان هؤلاء التلاميذ المذعورون الذين كانوا يختفون في الجحور، يوصدون الأبواب؛ لأنَّهم كانوا يخافون من الحراس، كما لو كانوا قد تبدَّلوا.. فبطرس الذي كان نموذجًا للخوف لدرجة أنَّه أخذ يسب ويلعن أنَّه لا يعرف السيِّد قد صار شخصًا آخر.
كنَّا نتوقَّع بقيامة المسيح مَوْت الخوف في القلوب، لكنَّ الخوف لم يغادرهم؛ وإذْ فجأةً وقف بطرس في الوسط ليقول: “يسوع هذا الذي صلبتموه”. من أين لبطرس، ومن معه، تلك القوَّة العاتية في مواجهة جمهورٍ ضخمٍ من قومٍ متعدِّدي الجنسيَّات، إذْ هم يتَّفقون على شيءٍ واحدٍ هو عبادتهم ليهوه؛ حيث كلُّهم جاءوا ليُعيِّدوا في أورشليم؟
ليس ذلك فقط، ولكنَّ كون صوت بطرس يعلو متَّهمًا اليهود بقتل المسيح، فهذا من المفروض أن تكون له عاقبةٌ كبيرة. وفي الحقيقة، التاريخ يرينا تلاميذ سُجنوا ولم يفقدوا سلامهم؛ فلم يكن ميلاد الكنيسة سهلًا، ففي البدايات واجه التلاميذ تحدِّياتٍ كبيرة.
بعد أن بشَّر بطرس للمرَّة الأولى في يوم الخمسين (حوالي 29 ميلاديَّة) ونحو 3000 شخصٍ آمنوا واعتمدوا، حدثت عدَّة أمورٍ مباشرةً، كما هو مسجَّلٌ في الإصحاحات الثالث والرابع والخامس من سفر أعمال الرسل:
صعد بطرس ويوحنا إلى الهيكل للصلاة؛ وهناك شفى بطرس رجلًا أعرج كان يُحمل كلَّ يومٍ، ويوضع عند باب الهيكل المسمَّى “الجميل”. هذه المعجزة أثارت دهشة الناس، وأدَّت إلى عظةٍ أخرى بعدها لبطرس في رواق سليمان؛ فبعد شفاء الأعرج، ألقى بطرس عظةً أخرى للجمهور المتجمِّع، دعاهم فيها إلى التوبة والإيمان بيسوع. ونتيجةً لهذه العظة، آمن عددٌ آخر من الناس، وارتفع عدد المؤمنين إلى حوالي 5000 رجلٍ (أعمال الرسل 4: 4).
وبالطبع، أغضب تأثير بطرس ويوحنا السلطات الدينيَّة اليهوديَّة، وعلى رأسهم الكهنة والصدُّوقيُّون؛ فقبضوا عليهما ووضعوهما في السجن لليلةٍ واحدة. بعدها وقف
بطرس ويوحنا أمام السنهدريم؛ ففي اليوم التالي، وبسؤالهم عن السُّلطة التي بها شفوا الرجل الأعرج، شهد بطرس بجرأةٍ ليسوع المسيح.
أُعجب أعضاء السنهدريم بجرأة بطرس ويوحنا، وأدركوا أنَّهما كانا مع يسوع. وبعد تهديدهما، أطلقوا سراحهما.
بعد إطلاق سراح بطرس ويوحنا، عادا إلى المؤمنين، وأخبراهم بما حدث؛ فرفعوا أصواتهم إلى الله بقلبٍ واحدٍ وصلَّوا من أجل المزيد من الجرأة في الكرازة. واستجاب الله لصلاتهم، وامتلأ المكان الذي كانوا مجتمعين فيه بالرُّوح القُدُس، واستمرُّوا في الكرازة بكلمة الله بجرأة.
هذا ليس كلَّ شيء، ولكن بعد أن تعلَّمت الكنيسة أن تواجه كلَّ شيءٍ بالصلاة بدأت ترتيباتٌ إداريَّةٌ كان لا بدَّ منها لخلق مجتمعٍ اسمه الكنيسة.
الكاتب / عماد حنا