سر انتشار المسيحية رغم الاضطهاد!
Roma

سر انتشار المسيحية رغم الاضطهاد!
، كتُهَم “الإلحاد؛” لأنهم كانوا يرفضون عبادة آلهة روما، و”الخيانة؛” لأنهم رفضوا أيضا عبادة الإمبراطور!
واجهت الكنيسة أيضا خلال هذه الفترة الهامة الحاسمة من تاريخها، كثيرا من التشكيكات والهرطقات، كالبِدع الغُنوصية والأريوسية!
❖ أولا الاضطهادات
من أبشع الاضطهادات التي تعرَّضت لها الكنيسة في القرن الأوَّل اضطهاد نيرون في الفترة بين عامي (64 – 68 م). إذ حَدَثَ عام 64 م، حريقٌ ضخم في روما عاصمة الإمبراطورية الرُّومانية، أجهَزَ على أقسامٍ كبيرة من المدينة، متسببا في خسائرَ فادحةٍ كبيرة. في البداية وُجِّهت التُّهمة أولا إلى الإمبراطور نيرون، الذي قام بتحوليها عنه بإلصاقها بالمسيحيين.
فأصدرت السُّلطات حينها أوامرها بملاحقة المَسيحيين في مطارداتٍ استمرَّت أربع سنوات، فيما وصلت بشاعة هذه الاضطهادات حدَّ ابتكار نيرون نوعا من الألعاب، كان يُلبِس فيها المسيحيين المقبوض عليهم جلود حيوانات كي ما تمزقهم أنياب الكلاب.
● مظاهر أخرى لاضطهاد وتعذيب المسيحيين في القرون الأولى،
على يد نيرون وغيره، تعرَّض المسيحيون لألوانٍ عِدَّة من الآلامات والعذابات:
✔ بدايةً من المحاكمات في الساحات العامة.
✔ الإعدام بطرقٍ وحشية: كالسيف، والصَّلب!
✔ مرورا للرمي للوحوش في المدرجات مثلما حصل مع القديس إغناطيوس الأنطاكي.
✔ كما كان يتم إلقاء المسيحيين في السيرك الروماني كنوع من أنواع الترفيه الدموي للجماهير.
✔ أحيانًا أيضا كان يُحكم عليهم بالحرق، واستخدامهم كمشاعلَ حية في الحدائق.
✔ غير مصادرة الممتلكات وإغلاق الكنائس.
لكن هذا كله والأبشع منه، لم يُضعِف عزيمة وإيمان وصلابة المؤمنين بالرب يسوع؛ بل إن ثباتهم المدهش شجَّع كثيرين على التعرُّف على الإله الذي جعل آلاف البشر يُضحون بحياتهم طوعا واختيارا لأجله!
المحتوي
❖ ثانيا الهرطقهات:
لم تعتمد الكنيسة في بداياتها على أي اجتهاداتٍ، بل تسلَّمت تعليمها مباشرةً من الرسل، مثل الرَّسول بولس، يوحنا، بطرس، مرقص، ومَن استلموا منهم بعدهم، مثل
✔ القديس إكليمندس الروماني (تلميذ الرَّسولَين بطرس وبولس).
✔ القديس إغناطيوس الأنطاكي (تلميذ القديس يوحنا).
● الغنوصية
بيد أنَّ بعض الهرطقات ظهرت مثل الغنوصية، التي كانت تؤمن بـ
✔ ثنائية الجسد والروح: أي إنَّ المادة شر، والروح فقط هي المنبثقة من أصل إلهي.
✔ الخلاص بالمعرفة: إي إنَّ الإنسان لا يَخلُص بالإيمان أو النعمة، بل “المعرفة السِّريَّة” التي تُكشَف فقط للمختارين.
✔ رَفْض التجسُّد الإلهي: إذ أنكرت بعض الطوائف الغنوصية أنَّ السيد المسيح اتخذ جسدا حقيقيا، معتبرين أن الله لا يمكن أن يتحد بشيء مادي.
✔ إله خالق أقل: مُعتبرين أن الإله الذي خلق العالم (والذي يُسَمُّونه “الديميورج”) هو إله أدنى، وليس الإله الحقيقي.
● ردُّ الكنيسة على هرطقة الغُنوصيَّة
فيما كان ردُّ الكنيسة، أن تصدَّى آباؤها مثل القديس إيرينيئوس في كتابه (ضد الهرطقات) بشدة للغنوصية، مؤكدين جميعا أن الخلاص يتمُّ بالإيمان بالمسيح، وأن الخليقة جيدة لأن الله هو خالقها.
● أبرز ما جاهر به القديس إيرينيئوس في كتابه ضد الهرطقات:
✔ “أنَّ الذي خلق العالم هو نفسه الإله الحقيقي، أبو ربنا يسوع المسيح.”
✔ “لا أحد يعرف الآب إلا الابن، ومن شاء الابن أن يعلنه له؛ فلا توجد أيَّة (معرفة سرية) خاصة للبعض دون الآخرين.”
✔ “الإيمان المستقيم هو الذي تسلَّمته الكنيسة من الرُّسل، وهو نفسه في كل مكان وفي كل زمان.”
● الأريوسيَّة
✔ الأريوسية هي بدعة ظهرت في أوائل القرن الرابع الميلادي.
✔ نُسبت إلى القس أريوس من الإسكندرية، الذي أثار جدلاً حول طبيعة المسيح وعلاقته بالله الآب.
✔ قال أريوس إن الابن (المسيح) مخلوق، وليس أزليا.
✔ اعتبر أن المسيح أقلُّ من الآب في الجوهر والمكانة، أي ليس مساويا له.
✔ بهذا أنكرت الأريوسية ألوهية المسيح الكاملة، واعتبرته كائنا وسيطا بين الله والإنسان.
● ردُّ الكنيسة على هرطقة الأريوسيَّة
o انعقاد مجمع نيقية
✔ وهو أول مجمع مسكوني في التاريخ إذ انعقد عام 325م.
✔ بدعوة من الإمبراطور قسطنطين الكبير.
✔ بعد ما اعترف بالمسيحية رسميًا في الإمبراطورية الرومانية.
✔ ونيقية هي مدينة في آسيا الصُّغرى.
✔ كان الحضور 318 أسقفًا من مختلف أنحاء العالم المسيحي، خصوصًا من الشرق.
✔ من أبرز الحاضرين: القديس أثناسيوس وأوسيوس الإسباني (مستشار قسطنطين).
✔ وممثلون من كنيسة روما والإسكندرية وأنطاكية.
✔ في هذا المجمع تمَّت إدانة أريوس وتعاليمه، وحرمانه كنسيا.
✔ صياغة الجزء الأساسي من قانون الإيمان النيقاوي، وأبرز جملة فيه:
✔ “الابن مولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوي للآب في الجوهر.”
✔ التأكيد على أن الإيمان المسيحي ليس قابلا للتلاعب أو التفسير الفردي.
ختاما.
لا الاضطهاد أثنى المسيحيين عن الثبات على إيمانهم بالرب يسوع، ولا الهرطقات والتيارات الفكرية المختلفة نجحت في زعزعة العقيدة الصحيحة؛ إذ تصدَّى لهذا وذاك أبطال إيمان كثيرون؛ فحافظت الكنيسة على وحدة إيمانها، وتعاليم الرب يسوع التي تسلمناها من تلاميذه وتلاميذ تلاميذهم، من خلال شهداء كُثُر ضحُّوا بأرواحهم بلا تردد أو تفكير، ومن خلال قديسين تمَّسكوا بصلابة وثبات بمبادئ كلمة الله، رغم ما دفعوه من أثمانٍ باهظة!
الكاتب/ مينا نبيل
المصادر: مقالة تقويم الدم.. حلقات اضطهاد الرومان للمسيحيين وأساليب تعذيبهم- ماريانا سامي
البدع والهرطقات في القرون المسيحية الأولى – الأب/ أنطون فؤاد