ماالفرق بين السفر والوحي ؟
Roma
ماالفرق بين السفر والوحي ؟
في العهد القديم تمت الاشارة إلى هذه الكتب من خلال هذه العبارات:
“لِذَلِكَ يُقَالُ فِي كِتَابِ «حُرُوبِ الرَّبِّ»: «وَاهِبٌ فِي سُوفَةَ وَأَوْدِيَةِ أَرْنُونَ” (عد 21: 14)
“فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هَذَا مَكْتُوباً فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِلٍ.” (يش 10: 13)
وها هو سفر ياشر مرة أخرى: “وَقَالَ أَنْ يَتَعَلَّمَ بَنُو يَهُوذَا «نَشِيدَ الْقَوْسِ». هُوَذَا ذَلِكَ مَكْتُوبٌ فِي «سِفْرِ يَاشَرَ” ( 2صم1: 18)
ليس كل ما كتب عليه كلمة سفر يعتبر وحياً، لأن كلمة سفر هي بديل لكلمة كتاب، وليس كل كتاب هو وحي الهي.
لنرجع للاقتباسات .. اقرأ معي ما كتب عن سفر ياشر “فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ.. أَلَيْسَ هذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ “ (يشوع 10: 13) هذا ليس استشهاد بالسفر، ولكن المراد إخبارنا أن الحدث قد دون في هذا السفر المسمى ياشر، إذا فهذا يمكن أن نسميه تأريخ ما حدث من توثيق المعلومة في كتاب ياشر. وهذا دليل على أهمية المعلومة، فمن عادة الشعوب القديمة توثيق الأحداث الهامة، فنجد أخبار ملوك يهوذا وأخبار ملوك إسرائيل, بل وأخبار مادي وفارس.. وأخبار حروب الرب، هي كلها توثيق من تلك الشعوب للأحداث التي مرت بها. ويخبرنا يشوع أنه نظرا لأهمية الحدث تم توثيقه في الكتاب الرسمي الذي يؤرخ الأحداث في ذلك الوقت
سنجد ايضا نفس التوثيق موجوداً في الأمم المصرية والآشورية والبابلية القديمة، وإلا كيف عرفنا تاريخ كل هذه الأمم؟ إلا من توثيقاتهم المدونه في كتبهم؟ … فهل نعتبر كل هذه التوثيقات وحياً؟ أنه توثيق شعبي للانتصارات والأمجاد التي حصدتها الشعوب.
أيضا بعض الأحداث التاريخية الهامة في تاريخ الشعب القديم تغنّى الناس بها، ونظموا حولها أناشيد ووضعوها في هذا الكتاب، الذي كان ينمو مع الزمن، ولا علاقة له بالوحي الإلهي. ومعنى كلمة “ينمو مع الزمن”, أنه كلما حدث للشعب حادث مجيد كان يضاف الى نفس الكتاب, فليس له مؤلف محدد، ولكنه مثل دفتر الذكريات الجميلة كل شخص يسجل الحدث الخاص به، مثال ذلك: رأينا معركة جبعون أيام يشوع ووقوف الشمس. لقد كانت ملحمة رائعة فألَّف الناس عنها الأناشيد، وضموها إلى سفر ياشر. بالمناسبة سفر ياشر معناه في اللغة العبرية “سفر المستقيم” وهو عبارة عن مجموعة من الترانيم والصلوات اليهودية القديمة المدونة (قارن حبقوق 3: 11؛ 2صموئيل 1: 18؛ أش 38: 8).
أما الوحي الإلهي فالله هو الذي أرشد الكاتب لتدوين هذه الأحداث،لذلك هي تختلف عن الأسفار الأخرى إذ لها سلطتها الإلهية كوحي من الله.
والجدير بالذكر أن أشهر وأقدم ترجمات العهد القديم، وهي الترجمة السبعينية التي وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد، لا يوجد بها سفر ياشر, أو الكتب الأخرى التي يدعي البعض أنها كتب موحى بها ومفقودة… لذلك ينبغي أن نميز بين الكتاب الموحى به والتوثيق الشعبي للحدث.
الكاتب/ عماد حنا