ارفض خوفك من الله!

Roma

ارفض خوفك من الله!

 تعبير رائع لكنَّه مُزعِج لكثيرين!

تُوجد ترنيمة شهيرة باللهجة العاميَّة المِصريَّة، مطلعها يقول (أقدر أقوله أبويا)!
ويَقصِد بها المُرنِّم أنه يستطيع أن يقول لله (أبويا)!
وقد قالها بالعامية الدارجة؛ فلم يقل (أبي) أو (والدي)؛
ليُعلن بجرأة، ممزوجة ببساطة الأطفال، أنه لم يعد خائفا من الله!
نعم لم يعد خائفا من الله.
لم يعد يراه سيدا قاسيا جبارا منتقما، يُعذب الخُطاة في الأرض وفي الأبدية.
لم يعد يرتعب منه، لم يعد يبحث عن كل الطرق التي تجعل الله يرضى عنه؛ حتى يتَّقى عقابه وغضبه.
بل صار حُرًّا من خوفه من الله، وصار يَنعم بدفء مشاعر محبة الله للإنسان!
ولِمَ لا! فالكتاب المقدس يعلنها بكل وضوح أن الخوف له عذاب!
“لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ.” (رسالة القديس يوحنا الأولى 4: 18).
أعلن المُرنم هنا، أنه صار يُدرك أن الله يحبه كما هو. يقبله كما هو، بعيوبه قبل مميزاته، أن طريقة تَعامُل الله مع الخطأ والخطية، ليست كما تصورها كثيرون، في أديانٍ، ومعتقداتٍ مختلفة.

 هل الأب الأرضي أحنُّ من الله؟!

وأنتَ عزيزي، ماذا عنك عندما تستمتع لتعبير (لله أبي)، أو (أبوة الله).
هل تعتقد أن هذا كُفْر، أن نُشبه الله بشيء حتى لو كان الأب؟
هل تعتقد أن هذا التعبير حَرفي والمقصود منه أن الله يتزوج ويُنجب؟!
هل تعتبر هذا بشارة سارة، تفرح بها؛ لأن أباك كان مثالا للحب والرعاية والحماية والسند وتسديد الاحتياج؟!
أَمْ تنفر من هذا التعبير لأن أباك كان قاسيا معك؟
قبل أي شيء دعونا نتفق أن هذا التعبير يُستخدَم للدلالة على محبة الله المتناهية.
لن نقول إن محبة الله تُشبه محبة الأب الأرضي، بل محبة الأب الأرضي صورة مصغرة من محبة الله. و(أبوة الله)، تعبير يشير لمظاهر رعاية ومحبة الله للإنسان، وهي المحبة المبنية على تقدير الله، واحترامه، وحبه الشديد، لكل بني البشر.
دَعونا نُلقي نظرة سريعة عن صفات الأبوة التي يحملها قلب الله تجاه البشر، من خلال كلمة الله المقدسة، التي كشفت لنا عن طبيعة الله الحقيقية، من خلال شخصية السيد المسيح، الله الذي تجلى في جسمٍ إنساني لكل بني البشر؛ ليعرفوا الله على حقيقته!

 أبوة الله كما يُعلنها الكتاب المقدس

• يسمعنا بقلب أب: “فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ” (مَتَّى 6: 9).
• يغفر بكثرة: “فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ” (مَتَّى 14:6).
• يَهتم ويَعتني: “اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ : إِنَّهَا لَا تَزْرَعُ وَلَا تَحْصُدُ وَلَا تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟” (مَتَّى 26:6).
• يترفق ويترأف: “كَمَا يَتَرَأَفُ ٱلْأَبُ عَلَى ٱلْبَنِينَ يَتَرَأَفُ ٱلرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ”. (مزمور 13:103).
• يقودنا بحكمة: “لِأَنَّ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ ٱللهِ، فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ ٱللهِ”. (رُومِيَةَ 14:8).
• يُعطي عطايا جيدة: “فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلَادَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ أَبُوكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!” (مَتَّى 11:7).
• صالح: فَمَنْ مِنْكُمْ، وَهُوَ أَبٌ، يَسْأَلُهُ ٱبْنُهُ خُبْزًا، أَفَيُعْطِيهِ حَجَرًا ؟ أَوْ سَمَكَةً، أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ ٱلسَّمَكَةِ؟ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلَادَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلْآبُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلسَّمَاء”. (لُوقَا 11:11-13).
• سَنَد لنا: وَأَمَّا كُلُّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلَادَ ٱللهِ، أَيِ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلَا مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلَا مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ، بَلْ مِنَ ٱللهِ. (يوحنا 1: 12).

 

 وأمور أخرى كثيرة يكشفها لنا الكتاب المقدس عن شخصية الله، مثل أنه:

شافي، مُحرر، مُخلص، مُعين، مُعزي، مُقوي، مُشدِّد، حنون، رحيم، يشجع، يرعى، يَحمي، يُلاحظ، سريع الاستجابة، ضامن لنا، مُريح التعابى، صبور، متأنٍ، باذل، مترفق، إلى ما آخره من كل معاني الأبوة.
مفهوم (أبوة الله)، بحسب الإيمان المسيحي هي تعبير عن محبة الله العملية للإنسان، بكل المعاني التي يفهمها عقلنا البشري؛ هي تعبير أيضا عن الحب غير المشروط، غير المرتبط بنقاء الإنسان أو فساده، وهذا يُعطينا سلاما داخليا، واستقرارا، وثقة وسط تجارب الحياة، فالله لا يتخلى عنا أبدا، حتى عندما ندير ظهورنا له في جهل، أو عدم طاعة.

 أخبار مُطمئِنة

أول شيء يبحث عنه الله، هو قلب الإنسان، أي المنبع الذي يخرج منه كل شيء؛ لذلك اطمئن، واهدأ، ولا تشعر بالقلق أو الذنب، أو الخوف؛ فعندما تيأس من نفسك، ومن سقطاتك المتكررة، ومن أخطائك وعيوبك، اشعر بالأمان؛ لأن الله يبحث عن إصلاح قلبك؛ الذي عندما ينصلح، ويُغسل بمحبته، ستنصلح أعمالك وأفعالك!
ثق تماما أن الله لا ينظر لرد الفعل ليعاقبك بعنف عليه، بل يتعامل مع جِذر المشكلة، ما عليك فقط سوى أن تُسلم قلبك له. ثق أن الله بارع في تغيير قلب الإنسان بالمحبة؛ لأن العُنف وسيلة الضعفاء والحب وسيلة الأقوياء.

 قُل له الآن:

املأ قلبي بمحبتك، واغسلني من كل ذنوبي ومعاصيَّ، بأبوتك التي تبحث عني لتردني.
أحبك يا رب، ولا أبتغي سوى معرفة الحق!
الله بارع في تغيير قلب الإنسان بالمحبة؛ لأن العُنف وسيلة الضعفاء، والحب وسيلة الأقوياء.

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك