العقاب الإلهي

Roma

العقاب الإلهي .. بين القسوة والرحمة!

 إلى أي فريق تنتمي؟!

يؤمن الجميع أنَّ الله عادل، لكن تختلف نظرة الإنسان لعدل الله.

تخيل هذا الموقف المدهش: أن رجلا وامرأة يرتكبان خطية “الزنا” في السر، وفجأةً، وبلا أية مُقدمات؛ ظهر “الله” لهما، أثناء ارتكابهما هذه الخطية المُشينة. حاول أن تتخيل، ماذا سيكون رد فعل “الله”، تجاههما!
حاول أيضا أن تتخيل مشاعر الرجل والمرأة، في هذه اللحظة، لحظة رؤيتهما لله، وهما “متلبسان بخطية الزنا!

هنالك مَن يرى أن عقاب الله، أو ردة فعله تجاه الخطاة أو العُصاة، أو أخطائنا اليومية العادية، عقاب وحشيٌّ، سواء كان هذا العقاب هنا في الأرض، أو العقاب المُنتَظر في السماء.

وهناك مَن يرى أن الله مُحب حتى في عقابه، إذ يرى أن العنف وسيلة الضعفاء، بينما مخاطبة العقل بالإقناع وسيلة الأقوياء.

يا ترى أي فريق فيهم على صواب: فريق الله شديد العقاب، أم فريق الله العادل عدلا ممزوجا بالرحمة؟

ولو كان الفريق الثاني هو الذي على صواب، إذن كيف يتعامل الله مع أخطائنا؟ وماذا سيكون رد فعله عندما نرتكب خطايا، لا سيما لو كانت غير أخلاقية، مثل الزنا والسُّكر والسُّباب والسرقة، وما إلى غيره.

 أجواء مُرعبة وإله لم يتخلَّ عنها!

دعني الآن أخبرك عن قصةٍ مماثِلة للموقف الذي افترضناه في بداية هذه المقالة!

المكان: بقعة من الأرض في منطقة الشرق الأوسط، خاضعة لسيطرة المملكة الرومانية، التي كانت تحكم العالم بالحديد والنار.

الوضع العام: نظام سياسي ديكتاتوري أحادي يخضع لقيصر روما، في وقت لم تكن هناك أيُّ مفاهيم عن حقوق الإنسان، أو حقوق المرأة، التي كان يُنظر إليها على أنها كائن من الدرجة العاشرة، ورجال دين متشددون في تطبيق الناموس، وكانوا يسيطرون على عقول وأفكار العامة بالخوف والترهيب.

الأجواء: ساحة عامة، بها حشد من اليهود، ورجال الدين اليهودي المتشددين، وامرأة تم ضبطها في حالة زنا مع شخص آخر، وأحضروها وسط هذه الجموع، ووضعوها في المنتصف، في انتظار أن يتم تنفيذ الشريعة عليها، وهي رجمها بالحجارة حتى الموت.

جو مرعب، مُهيَّأ تماما لتطبيق العدالة الناجزة!

بكل تأكيد تعرف “عيسى”، أو “السيد المسيح”، الذي هو في إيماننا المسيحي (الله الذي ظهر في الجسد)، ذلك المعلم، الذي كان البعض مؤمنا به، وقت حدوث هذه الواقعة، أنه المسيا المنتظر، الله الذي سيخلص البشر، وبعضهم الآخر يراه نبيا عظيما، الكل مترقب أن يرى إعلان موقفه النهائي من هذه الجريمة، وتلك المُجرمة (في نظر الجميع)!

 أين الإله الغضوب سريع الانتقام؟!

هنا نفذ يسوع “الله المتجسد”، واحدةً من أغرب وأعجب، ردود الأفعال التي يمكن أن يتوقعها إنسان في ذلك الزمان، أو حتى زماننا الحالي، من الله.
إذ قرر (الله) أن يقف في صف الإنسان! وأي إنسان؟! “امرأة زانية”. وينحني على الأرض، ويكتب خطايا الناس على التراب، فينصرفون جميعا خجلا، ليتبقى الله والإنسان في هذا المشهد البديع، حيث قال لها (أما دانك أحد؟! ولا أنا أيضا أدينك اذهبي ولا تخطئي).
سامحها، حماها، رحمها، طمأنها، ووجَّهها بعدم تكرار الخطأ (الخطية) مرة أخرى! بهذه السهولة؟!
أليس هذا هو الله الذي ينتقم من الخطاة، ويعذبهم؟!
أليس هو الله الذي يكره الخطية، ولا يقبلها، أو يتساهل فيها، أو يستمع لأي مبررات؟!
لا.. ليس هو!
هو إله غير الإله الذي سمعنا عنه، أو تصورناه، وتخيلناه في أذهاننا.
هو إله يصعب، وبشدة، استفزازه!
لأنه: الإلهُ الأب. الوديع. الهاديء الصبور. المتمهل. مانح الفرص. الإله الذي يكره الخطية، لكن يُحب الخاطي.
هو يحترم المرأة. يرحم الضعيف. يتفهم وضع المسكين المظلوم.
هذا كله نقرأه في هذه القصة من إنجيل يُوحَنَّا 1:8-11

 العدل والحق والرحمة

هناك من لا يُفرِّق بين التأديب والأذية، فنجد أن وَقْع كلمة (تأديب إلهي)، على أذن المتلقي العربي أو الشرقي، هو وقع مخيف؛ لأن كلمة تأديب إلهي، حتما ستأخذ الذهن إلى التفكير في أن العقاب مثلا، سيكون مرضا خبيثا، وباءً، حادثة مميتة، وفاة أحد المقربين، أو وفاة المذنب نفسه، أو خسارة مادية، وكأن الخالق المحب الرحيم وحش مفترس، يجول ملتمسا من يبتلعه، وكأن الله يتعامل مع أخطاء الإنسان بقوته الجبارة، وليس حسب ضعف الإنسان.

وكأن الله كل ما يهمه هو العقاب، وليس البحث بحكمة وتروي ورحمة، عن السبب الذي أدى للخطية، من ثم البحث عن طريق واقعية مناسبة تتعامل مع جذر المشكلة، كأن الإله عصبي سريع الغضب، يبطش يفتك، لا ينظر لنتائج أفعاله. نعم هو عادل، لكن عدل مغلف بالرحمة!
هو ينتظر عودة الخاطئ تائبا تاركا خطاياه يطلب رحمة الرب فيغفر له ويطهره، وهذه فرصتك عزيزي القارئ فإن كنت تحتاج أن تتمتع برحمة الله تعال إلى يسوع المسيح تائبا عما فعلت من خطايا مهما كان نوعها معترفا بها أمامه وهو يغفر لك ويطهرك ويخلصك من الخطية وعقابها.

بقلم: مينا نبيل

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك