الله واحد
william
الله واحد
المحتوي
الوحدانية
يتفق الغالبية العظمى من البشر أن الله موجود، واجب الوجود كليَّ الوجود، وأنه واحد. والكتاب المقدس الذي يحوي إعلان الله عن ذاته يؤكد وبكل وضوح أن الله واحد. و قد جاء في العهد القديم:
– “اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.” ( تث ٤:٦ )
ويؤكد سفر إشعياء النبي هذه الوحدانية بنصوص عديدة منها: ” “أَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَعَبْدِي الَّذِي اخْتَرْتُهُ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا بِي وَتَفْهَمُوا أَنِّي أَنَا هُوَ. قَبْلِي لَمْ يُصَوَّرْ إِلهٌ وَبَعْدِي لاَ يَكُونُ. “أَنَا أَنَا الرَّبُّ، وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ” (إش 43: 10، 11)
“هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ وَجَابِلُكَ مِنَ الْبَطْنِ: «أَنَا الرَّبُّ صَانِعٌ كُلَّ شَيْءٍ، نَاشِرٌ السَّمَاوَاتِ وَحْدِي، بَاسِطٌ الأَرْضَ. مَنْ مَعِي؟” (إش 44: 24)
“أَخْبِرُوا. قَدِّمُوا. وَلْيَتَشَاوَرُوا مَعًا. مَنْ أَعْلَمَ بِهذِهِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، أَخْبَرَ بِهَا مُنْذُ زَمَانٍ؟ َلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلهَ آخَرَ غَيْرِي؟ إِلهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سِوَايَ. اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ.” (إش 22:21:45)
وانظر أيضًا: إش 8،5:42 ، إش 43 : 3،1 ، إش 44 : 8،6 ، إش 45: 5-7 ، 12،11 ، إش12:48 )
ويعلن أن وحدانية الله لا شبيه ولا مثيل لها ويقول: “بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟” (إش 46: 5)، “لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي.” (إش 46: 9)
في العدد الجديد:
يؤمن المسيحيون أن الله واحد، والأدلة على وحدانيته هي:
1- النصوص التي جاءت في الإنجيل، نذكر منها:
– عندما جاء الشيطان ليجرب المسيح: “حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ».” (مت 4: 10)
– فجاء واحد من الكتبة …. سأله: أيه وصية هي أول الكل؟ “فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.” (مر 12: 29) “فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.” (مر 12: 32)
– قول المسيح: “وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.” (يو 17: 3)
– ويقول الرسول بولس: ” نَعْلَمُ …. وَأَنْ لَيْسَ إِلهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِدًا.” (1 كو 8: 4)
وأيضاً “رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ.” (أف 4: 5)
وأيضًا “لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.” (1 تي 2: 5)
– ويقول الرسول يعقوب: “أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!” (يع 2: 19)
2- وقد عبرت الكنيسة عن إيمانها بالإله الواحد في قوانين الإيمان التي دونها آباء الكنيسة منذ القرن الثاني الميلادي، وفي قانون الإيمان الذي دونه مجمع نيقية سنة 325م. يبدأ بالقول: “بالحقيقة نؤمن بإله واحد….”
-ماذا يعني المسيحيون بالقول: إله واحد؟
الله ليس واحدًا عدديًا، فالواحد حسابيًا كم محدود، والله ليس كمًا، وليس محدودًا، والواحد حسابيًا قابل للزيادة والنقصان، والله كليَّ الكمال. وما لا ثاني له لا يدخل في باب العدد، ومن عده فقد حده.
– الله ليس واحدًا في النوع أو الجنس، فهو ليس إلهًا ضمن الآلهة. ولكن الله واحد بمعنى أنه متفرد لا شبيه ولا مثيل له، فقد انفرد بالإلوهية.
– كيف نفهم وحدانية الله؟
1- الله ذات، والذات تعني حقيقة الله وماهيته، بمعنى أن الله كائن له وجود حقيقي، وهذه الذات الإلهية جوهر بسيط لا تركيب فيه وذلك لما يلي:
-المُرَكَب يتكون من أجزاء، والجزء يسبق الكل في وجوده، والله واجب الوجود، لم يسبقه وجود أو عدم، ومن ثم لا يمكن أن تكون وحدانية الله مركبة.
– لكي يكون هناك مركب، لابد أن تكون هناك علة فاعلة، تركب الأجزاء معًا، والله لا علة له، لأنه موجود أزلًا بذاته.
– المُرَكَب محدود بكمية الأجزاء، التي تكون منها، والله غير محدود.
– المُرَكَب يتحيز بحيز، ومحدود بحدود الأجزاء المركب منها، والله كليَّ الوجود،لا يتحيز بحيز ولا ينحصر في مكان، وهو غير محدود.
– المُرَكَب يمكن بوسائل مختلفة أن يتحلل إلى الأجزاء التي رُكب منها، والله ثابت غير متغير.
2- الله ذات والذات لابد أن تتصف بصفات.
كانت العلاقة بين ذات الله وصفاته موضع جدال وصراع فكري لم ينته، ونتيجة هذا الجدال قالوا: إن هناك ثلاثة أنواع من الوحدانية:
1-الوحدانية المجردة
والقائلون بها ينزهون الله عن الإتصاف بأي صفة، ويقولون لو وصفنا الله بصفة ما، فإنه يصبح محدودًا بمحدودية هذه الصفة، ولذلك نفوا عن الله الصفات، والحقيقة أن نفي الصفات عن الله هو نفي لوجود الله، فالله موجود، وكل موجود لابد أن يتصف بصفات. وحلًا للمشكلة قالوا: إن الله فوق الوجود، وفوق العلم، وفوق الإرادة…. ولكن من فوق الوجود ليس له وجود، ومن هو فوق العلم غير عالم، ومن هو فوق الإرادة غير مريد. بمعنى أن نفي الصفات عن الله هو نفيًا لوجود الله ومن ثم الوحدانية المجردة لا تليق بذات الله.
-الوحدانية المطلقة
القائلون بها يقولون أن وحدانية الله مطلقة غير مقيدة لا حد لها. وينقسمون إلى مجموعتين:
الأولى: تنسب الى الله الصفات السلبية، لأن الصفات الإيجابية تستلزم تابعًا، فإذا قلنا أن الله محب، فهذا يستلزم محبوب وإن هذا المحبوب لابد أن يكون أزلي، وهذا يؤدي إلى التعدد، لذلك قالوا إن الله غير كاره، والحقيقة أن نسب الصفات السلبية عجز، ولذلك فهذا لا يليق بذات الله.
الثانية: قالت إن الله يتصف بصفات، وهذه الصفات كانت خاملة غير عاملة، ثم عندما خلق الله الخليقة أصبحت عاملة، وهذا ينسب الى الله التغيير، بينما الله ثابت غير متغير. ومن ثم قالوا أن الوحدانية المطلقة لا تليق بذات الله.
-الوحدانية الجامعة
الله ذات، ويتصف بصفات إيجابية عاملة أزلًا، ويمكن تفسير هذا من خلال الوحدانية الجامعة المانعة، التي تجمع مايلزم لقيام الذات الإلهية وتنفي عنها ما هو غير ذلك، وهذا النوع من الوحدانية سنناقشه بالتفصيل عند حديثنا عن الثالوث.
إن وحدانية الله تسمو فوق العقل، وليس لها نظير على الإطلاق…. وهي تتميز بالمميزات الروحية اللائقة بكمالها وأستغنائها عن كل شيء غيرها منذ الأزل.
قال أحد الكتاب المسيحيين: إن الدين الذي لا يضعنا على طريق المعرفة الإيجابية بالله لا يمكن أن يكون دينًا صحيحًا مهما بدت عليه علامات الديانة، ومهما كان مستوى الحياة الأخلاقية التي يدعو إليها، فلا يمكن أن ندعو الناس إلى عبادة إله واحد، وترك الآلهة المزيفة، بل يجب أن ندعوهم إلى معرفة يقينية بهذا الإله الواحد، وإلا فقد الدين مبرر وجوده.
المصدر / دكتور فريز صموئيل
https://soundcloud.com/clavie-