ألوهية المسيح -3

Roma

ألوهية المسيح -3

في هذه المقالة نتحدث عن براهين إلوهية المسيح من خلال صفاته.

إن الله ذات، والذات لابد أن تتصف بصفات. وفيما يلي نذكر بعض صفات المسيح التي تعلن لنا إلوهيته (باعتباره الله الظاهر في الجسد):

1-الابن أزلي:

-المسيح هو أقنوم الابن متجسدًا، والابن أزلي، وإذا لم يكن الابن أزلي، إذًا هو مخلوق، وبالتالي فهو ممكن الوجود، ومن هو مخلوق وممكن الوجود لا يمكن أن يكون هو الله. الابن أزلي بأزلية الآب، لأنه لم تكن هناك لحظة كان فيها الآب بدون ابن، أو الابن بدون آب، وإلا فكيف يُطلق عليهما آب وابن، وإذا كان الآب بدون ابن ثم أصبح له ابن، فهذا معناه أن هناك تغير قد حدث في الله، بينما الله ثابت غير متغير.

ونرى أزلية الابن من خلال:

أ- أقوال المسيح: قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ” (إنجيل يوحنا أصحاح 8 وعدد58-59). فالمسيح يقول لهم: أنا كائن منذ الأزل، وهذا ما فهمه اليهود، فالمسيح بإعلانه أزليته يعلن أنه هو الله الظاهر في الجسد، لذلك اعتبروا قوله هذا تجديفًا.

وفى نفس الأصحاح يقول لهم المسيح: “ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ (الكائن أزلًا) تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ. فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ. (إنجيل يوحنا أصحاح 8 وعدد 24-25).

وقد استعمل يسوع في حديثه عن نفسه ألفاظًا تدل على سبق الوجود قبل مجيئه إلى العالم (انظر يو1:1، 62:6، 8: 23و42، 39:9، 5:17 …إلخ)

ب- أقوال رسل وأتباع المسيح: ما أكثر ما كُتب عن أزلية الابن نذكر منها:

قول يوحنا المعمدان (يو1: 29-34)، قول الرسول يوحنا (يو1: 1و14و18)، ما كتبه الرسول بولس: (رو8: 3، 9: 5 ، تى2: 6و7 ، 1تى15:1 ، كو1: 16و17).

إذًا، أقنوم الابن أزلي، وهذا يؤكد إلوهيته، وأقنوم الابن اتخذ جسدًا وحل بيننا، ومن ثم فالمسيح هو الله الظاهر في الجسد.

2-المسيح كلي الوجود

إن الله كلي الوجود، فهو موجود في كل مكان في نفس الزمان، لا يحده ولا يحصره المكان، لأنه هو خالق الزمان والمكان، والمسيح أعلن أنه كلي الوجود -أي أنه اتصف بصفة الله- ومما قاله: “لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ” (إنجيل متى أصحاح 18وعدد 20). ومن المؤكد أن المسيح لا يمكن أن يوجد بالجسد في الأماكن المختلفة في نفس التوقيت لمحدودية الجسد، إذًا هو موجود بلاهوته، ومن ثم فلابد أن يكون المسيح هو الله الظاهر في الجسد.

وقال المسيح أقولًا أخر مثل قوله لتلاميذه قبل صعوده: وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ“(إنجيل متى أصحاح 28 وعدد 20) . فالمسيح يتواجد مع المؤمنين به في كل مكان وفي كل زمان إلى نهاية العالم.

وقال لنيقوديموس: لَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ“(إنجيل يوحنا أصحاح 3عدد 13).

3-المسيح كلي المعرفة

إذا كان المسيح إنسانًا فقط فلابد أن تكون معرفته محدودة بمحدودية الجسد، ولكن كما سنرى المسيح كلي المعرفة، وهذه صفة من صفات الله.

-المسيح أخبر عن كل الأمور التي تتعلق بصلبه وموته وقيامته (مت 21:16، 9:17، 18:20، 26: 13-21 …إلخ).

– عندما شفى المفلوج: “فَابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُفَكِّرُونَ قَائِلِينَ «مَنْ هذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟فَشَعَرَ يَسُوعُ بِأَفْكَارِهِمْ، وَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِكُمْ؟ (إنجيل لوقا أصحاح 5عدد 21-22). أي أن يسوع علم أفكارهم.

– في بيت سمعان الفريسي:  فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ“(إنجيل لوقا أصحاح 7 عدد 39-40). علم يسوع أفكار سمعان عن المرأة وأجابه عن ما لم ينطق به.

– عندما رَأَى يَسُوعُ نَثَنَائِيلَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ عَنْهُ: «هُوَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ حَقًّا لاَ غِشَّ فِيهِ. قَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِي؟» أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ دَعَاكَ فِيلُبُّسُ وَأَنْتَ تَحْتَ التِّينَةِ، رَأَيْتُكَ. أَجَابَ نَثَنَائِيلُ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَنْتَ ابْنُ اللهِ! أَنْتَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ آمَنْتَ لأَنِّي قُلْتُ لَكَ إِنِّي رَأَيْتُكَ تَحْتَ التِّينَةِ؟ سَوْفَ تَرَى أَعْظَمَ مِنْ هذَا!(إنجيل يوحنا أصحاح 1 وعدد 47-55 )  

وقد شهد الرسول بطرس أن المسيح كلي المعرفة فقال له: يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ” (إنجيل يوحنا أصحاح 21 عدد 6).

4-المسيح كلي القدرة

الله كلي القدرة، يستطيع أن يفعل كل شيء يتفق مع كمالاته، فهو القدير (تك 1:17، رؤ8:4)، وكل الأشياء ممكنة عنده (مت16:19)، ولا يعثر عليه أمر (رؤ6:19).

وإذا كان المسيح كلي القدرة، إذًا لابد أن يكون هو الله الظاهر في الجسد.

ونرى قدرة المسيح الكلية من خلال سلطانه على المرض (مت 8: 2-4، لو17: 11-19 …إلخ)

وسلطانه على الأرواح الشريرة (مت 12: 22-30، مت 9 : 32-34، مت 15: 21-28، مت 17: 14-21.. إلخ) وسلطانه على الموت (لو7: 11-17، يو11: 1-44)، وسلطانه على الطبيعة (مت 8: 23-27 ،14: 22-33، لو 5: 1-11، يو 21: 1-14)

ليس المسيح صاحب هذا السلطان فقط، ولكنه أعطى تلاميذه والمؤمنين به سلطانًا (مت 8:10، مر16: 17-20).

5-المسيح ثابت غير متغير

الله لا يمكن أن يتغير في جوهره وصفاته وإرادته (يع 7:1، ملا 6:3 …إلخ)

والمسيح أيضاً ثابت لا يتغير يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ واليوم وإلى الأبد” (رسالة بولس الرسول إلى العبرانين أصحاح 13عدد8).

إذًا المسيح (باعتباره الله الظاهر في الجسد) اتصف بصفات الله، فهو: أزلي، كلي الوجود، كلي المعرفة، كلي القدرة، ثابت غير متغير، ومن ثم فهو الله، لأنه لا يمكن أن يتصف بصفات الله إلا الله نفسه.

الكاتب د. فريز صموئيل 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك