لماذا نؤمن بالثالوث؟_2

Roma

لماذا نؤمن بالثالوث؟

في العهد الجديد حوالى مئة وعشرين نصًا، تعلن وبكل وضوح أن الله واحدًا في ذاته، وثالوثًا في أقانيمه مثل:

1-البشارة الملائكية:

عندما جاء الملاك جبرائيل ليبشر العذراء مريم بولادة يسوع المسيح قال لها: “وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” (لو1: 31-35). وهنا نرى: الروح القدس، العلي، ابن الله.

2- التصريحات السماوية:

لقد جاءت إعلانات سماوية واضحة تؤكد الثالوث، ونرى هذا في:

  • معمودية يسوع: جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه “فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».” (متى3: 16-17).

وهنا نرى: الآب يعلن من السماء أن يسوع هو الابن، ونرى الروح القدس.

  • حادثة التجلي:
  • وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا».” (مت 17: 1-5).

      ويقول الرسول بطرس عن هذا: “لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ        وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ».” (2 بط 1: 16-17)

3- تسبيحة المسيح للآب:

فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.” (مت 11: 25-27).

4- وصية المسيح الختامية:

قال المسيح لتلاميذه في الوصية الختامية “ فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (مت 19:28). وهذا واحد من أوضح الإعلانات الكتابية عن الثالوث.

5- الإعلان عن الثالوث في عمل الفداء:

وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ».” ( غل 4: 4 -6 )

6- الوعد بإرسال الروح القدس:

لقد دون البشير يوحنا وعود المسيح بإرسال الروح القدس، وفي هذه النصوص الكتابية نرى إعلانًا واضحًا عن الثالوث.

– (يو 7: 37-39) “وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلًا: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.“.

– (يو 14: 16 – 17 ،26) “وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ….وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.”

– (يو26:15) “«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.“.

من النصوص السابقة نرى الثالوث واضحًا: الآب، والابن متجسدًا (يسوع)، والروح القدس.

7- البركة الرسولية:

نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.” ( 2 كو 14:13 ).

8- قول الرسول بطرس:

بُطْرُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ …. بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ. مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ.” (بط 1: 1-3).

9- قول الرسول يهوذا:

وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.” (  يهوذا 20، 21 )

ولمزيد من النصوص الكتابية حول الثالوث في العهد الجديد يمكن الرجوع إلى: “(أع 2: 32-33، أع 38:10، رو 1: 3-4، رو 8: 9-10، 1كو 8: 4-6، 1كو 12: 3-6، أف 4: 4-6، 2تس 2: 13-16، 1تى 16:3، تى 3: 4-6، 1بط 18:3 …الخ)

لماذا نؤمن بالثالوث؟

  1. لأن هذا هو إعلان الله عن نفسه –كما ذكرنا- في العهد القديم والجديد.
  2. لأن عقيدة الثالوث تحل لنا مشكلات الوحدانية.

كما سبق وأوضحنا في مقالة: “الوحدانية” إن الله ذات، والذات لابد أن تتصف بصفات، والاعتقاد بالوحدانية المجردة ينفي عن الله الصفات، ونفي الصفات عن ذات الله، هو نفي لوجود الله.

والاعتقاد بالوحدانية المطلقة، إما أنه ينسب إلى الله الصفات السلبية، ونسب الصفات السلبية إلى الله هو عجز، وهذا لا يليق بالله، أو ينسب إلى الله صفات كانت غير عاملة ثم أصبحت عاملة عندما خلق الخليقة، وبذلك ينسب إلى الله التغيير بينما الله ثابت غير متغير.

الثالوث كوحدانية جامعة، تعني أن الله يتصف بصفات عاملة أزلًا، ومن ثم فالثالوث يحل لنا مشكلات الوحدانية.

ثالثًا: الثالوث هو مفتاح فهم العقائد المسيحية الأخرى مثل:

  • إلوهية المسيح (الابن متجسدًا) ما لم يكن هناك ثالوث فهذا يؤدي إلى التعدد، وهذا ما ترفضه المسيحية رفضًا تامًا.
  • التجسد لإتمام عمل الفداء: من شروط الفادي أن يكون الله، وإذا لم يكن هناك ثالوث فكيف يكون المسيح هو الله الظاهر في الجسد، والذي جاء ليتمم عمل الفداء؟

إذًا نحن نؤمن بالثالوث، لأن هذا هو إعلان الله عن نفسه، وهذا يحل لنا مشكلات الوحدانية ويتيح لنا أن نفهم أساسيات الإيمان المسيحي.

البعض يسأل لماذا ثلاثة أقانيم؟ الجواب: هذا هو ما أعلنه الله عن ذاته.

والعلماء يقولون: إن العدد ثلاثة هو أول عدد فردي جامع، لذلك أعتبر أول الأعداد الفردية هو الثلاثة، لأن الواحد ليس بعدد إنما هو أصل الأعداد، وما زاد على الثلاثة من الأعداد الفردية هو متفرع عنها.

ويقولون: إن أول صورة تعينت فيها الذات الإلهية كانت ثلاثية مثل: العلم والعالم والمعلوم، والمحب والمحبوب والحب.

وهناك اتهام يتكرر كثيرًا في كتابات من ينكرون الثالوث، وهو أن عقيدة الثالوث من اختراع وإضافة مجمع نيقية الذي عُقد سنة 325م، وهذا الإدعاء يدل على أُمِيَة روحية، ولكننا نؤكد أن الإعلان عن عقيدة الثالوث هو إعلان الله عن نفسه، كما جاء في الكتاب المقدس، ومجمع نيقية بَلوَر هذا الإعلان في ألفاظ  بشرية واضحة، للرد على بدعة أريوس الذي أنكر إلوهية المسيح، ومن ثم فقد أنكر الثالوث.

الكاتب د. فريز صموئيل 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك