ألوهيتة المسيح _5

Roma

ألوهيتة المسيح _5

المسيح قَبِلَ أمجاد الله:

قال الله في العهد القديم: “اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.. الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ”(سفر التثنيه 6: 13، 14) فإن الله وحده هو المعبود، والذي له وحده السجود.

وجاء في سفر النبي دانيال: “كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ” (سفر دانيال أصحاح 7: 13، 14)،

وأثناء محاكمة المسيح أمام رئيس الكهنة أعلن أن هذه النبوة قد تمت فيه، فاتهمه رئيس الكهنة بالتجديف (مت 26: 63-66). وهذا يعنى أن ابن الإنسان، الذي هو المسيح هو معبود كل الشعوب.

المسيح في إنجيل متى قَبِلَ السجود في ثماني مناسبات مختلفة، ومن أشخاص مختلفين، من يهود وأمم، رجال ونساء، قَبْل الصليب وبعد قيامته، رغم أن إنجيل متى كتبه مسيحي من أصل يهودي، وكتبه إلى مسيحيين أيضًا من أصل يهودي -أي أن الكاتب والمكتوب إليهم يعرفون أن السجود لله وحده- وهي كما يلي:

  • قد سجد له المجوس:

  • وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا ” (إنجيل متى أصحاح 2 :11).
  • سجد له الأبرص: وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: «يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!» وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ.” (إنجيل متى أصحاح 8: 2،3).
  • سجد له رئيس مجمع: وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهذَا، إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: «إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ، لكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا” (إنجيل متى أصحاح 9: 18).
  • سجد له الذين كانوا في السفينة بعد أن سكن الريح والأمواج “الَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ” (إنجيل متى أصحاح 14: 33).
  • سجدت له المرأة الفينيقية: كان المسيح في نواحي صور وصيداء، فأتت إليه امرأة قائلة ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا.. فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي” (إنجيل متى أصحاح15 :22-25).
  • سجدت له أم يوحنا ويعقوب: حِينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا، وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئًا.” (إنجيل متى أصحاح 20 :20).
  • سجد له الأعمى منذ ولادته، بعد شفائه، فعندما سأله المسيح: “أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ. أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ. فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ!» وَسَجَدَ لَهُ” (إنجيل يوحنا أصحاح 9 : 35-38).
  • سجدت له المريمات بعد قيامته من الموت: وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ” (إنجيل يوحنا أصحاح28 :9-10).
  • سجد له التلاميذ، عندما ظهر لهم في الجليل: وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ” (إنجيل متى أصحاح 28 :17).
  • – سجد له بطرس بعد معجزة صيد السمك الكثير: فَلَمَّا رَأَى سِمْعَانُ بُطْرُسُ ذلِكَ خَرَّ عِنْدَ رُكْبَتَيْ يَسُوعَ ” (إنجيل لوقا أصحاح5 :8).

– تسجد له الملائكة:

مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ” (رسالة بولس الرسول إلى العبرانين أصحاح 1: 6)   

– ستسجد له كل الخليقة:

لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ” (رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي أصحاح 2 :10،11).   

ربما يقول أحد المعترضين هذا سجود احترام وتقدير، والجواب: في العهد الجديد رفض البشر أن يُسجد لهم سجود الاحترام والتقدير، فقد رفض بطرس سجود كرنيليوس وقال له: “قم أنا أيضًا إنسان” (سفر اعمال الرسل أصحاح 10: 25)، والملاك رفض سجود يوحنا (رؤيا يوحنا اللاهوتي أصحاح 22: 8، 9) ولكن المسيح قبل أن يُسجَد له، فلماذا لم يرفض مثل الآخرين؟ بل أنه في بعض المرات التي سُجَد له فيها وقَبِلَ السجود، نجد إقرارًا بأنه هو ابن الله” (إنجيل متى أصحاح 14: 33 و إنجيل يوحنا أصحاح 9 :35-38).

إن المسيح قَبِلَ السجود، فإن لم يكن المسيح إلهًا كاملًا، فمن المستحيل أن يكون إنسانًا كاملًا لأن الإنسان الكامل لا يقبل العبادة التي تًقدم له وهو عالم أنها لا تجوز إلا لله وحده.

ومما يؤكد أن هذا السجود سجود عبادة وهو أن الكلمة اليونانية المستخدمة في (إنجيل متى أصحاح 13: 14، إنجيل يوحنا 9 : 35-38) (بروسكونيو) استخدمت في وصف عبادة الله (إنجيل يوحنا أصحاح 4: 32) ، رؤيا يوحنا اللاهوتي أصحاح 5: 41 ،11:7 .. إلخ).

وعندما ظهر المسيح لتوما قال: “ربي وإلهي”(إنجيل يوحنا أصحاح 20: 28)، فإذا لم يكن المسيح إلهًا، كان عليه أن ينفي هذا، ويوبخ توما، ولكن هذا لم يحدث.

فالمسيح قبل الاعتراف بإلوهيته، وقَبِلَ أن يُسجَد له، بل أعلن أن إكرام الابن مساوٍ لإكرام الآب لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ” (إنجيل يوحنا أصحاح 5 :23).

إذا كان المسيح قد قَبِلَ السجود والاكرام والعبادة، وهو ليس الله، فهو قد اغتصب حقوق الله ثم مات المسيح. فهل يقيم الله من الموت إنسانًا مدعيًا كاذبًا؟ من المؤكد لا. فكون أن الله قد أقامه من الموت، فهذا معناه أن الله يصادق على كل ما قاله المسيح أثناء حياته على الأرض ومن ضمن ما قال: إنه هو الله الظاهر في الجسد.

وهناك حادثة في سفر أعمال الرسل تؤكد غيرة الله على مجده، كان الملك هيرودس أغريباس حفيد الملك هيرودس الكبير في نزاع مع أهل صور وصيداء، فجاء إلى قيصرية والتقى مع جماهير الشعب في المسرح، كانت الجماهير متحمسة محل النزاع، لأن الملك هيرودس أغريباس كان يتحكم في مؤن غذائهم (أع20: 12). فقام بعمل افتتاحية فخمة، تبعتها خطبة، محرضًا الجماهير على استجابة عظيمة فَفِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَّةَ الْمُلُوكِيَّةَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُمْ. فَصَرَخَ الشَّعْبُ: هذَا صَوْتُ إِلهٍ لاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ” (سفر أعمال الرسل أصحاح12 :21 و 22 ).  فجاء القضاء الإلهي سريعًا “فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ” (سفر أعمال الرسل أصحاح 12 :23). فإذا كان المسيح في قبوله أمجاد الله كاذبًا (حاشاه) فلماذا لم يُوقِع الله به العقاب الذي أوقعه على هيرودس؟!

وعندما شفي بولس وبرنابا عاجزًا مقعدًا من بطن أمه في لسترة، ظن اليونانيون الوثنيون أنهما آلهة وأرادوا أن يقدموا لهما ذبائح، فقالا: “أَيُّهَا الرِّجَالُ، لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هذَا؟ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ، نُبَشِّرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا مِنْ هذِهِ الأَبَاطِيلِ إِلَى الإِلهِ الْحَيِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا.. وَبِقَوْلِهِمَا هذَا كَفَّا الْجُمُوعَ بِالْجَهْدِ عَنْ أَنْ يَذْبَحُوا لَهُمَا” (سفر أعمال الرسل أصحاح 14 :15 – 18).

فإذا كان بولس وبرنابا، وهم من أتباع المسيح قد فعلا هذا، كان بالأولى بيسوع المسيح إذا لم يكن هو الله الظاهر في الجسد أن يفعل هذا ويرفض أن يُسجَد له لكن المسيح قبل هذا، وبذلك فهو يؤكد لكل البشرية أنه هو الله الظاهر في الجسد.  

الكاتب د. فريز صموئيل 

 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك