عهد آدم حتى ميلاد المسيح؟
Roma
عهد آدم حتى ميلاد المسيح؟
يقول لنا الكتاب المقدس أن عمر البشرية بحساب التواريخ وعلماء اللاهوت والمفسرين كلٌ على حسب توراته كما هو الآتي: فى التوراة العبرية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو (4004) سنة. وفى التوراة اليونانية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو (5872) سنة. أما فى التوارة السامرية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو (4700)سنة.
يقول الدكتور عبد الجليل شلبي: “… وإبراهيم هو الابن العشرون له وولد بعده بنحو 1948 سنة، وهذا تاريخ لا يصدق ولا يعقل، هذا لأن إبراهيم عليه السلام وفد على سوريا في القرن الثامن عشر ق.م . عصر انتشار الهكسوس وهو عصر كانت الحضارة الانسانية قد تقدمت فيه شوطاً بعيداً جداً، لا يحدث إلا في آلآف عديدة من السنين، وعلى سبيل المثال كان العصر الجليدي في أوربا في نحو 500.000 – 400.000 ق م، وفي الأرض التي عاش بها العبرانيون ترك أسلافهم أدوات حجرية وجدت في كهوف عدلون وجبل الكرمل وأم قطفة وغيرها، وهي على حظ من الصنعة، ويقدر العصر الحجري في هذه البقاع أنه كان في نحو 150.00 سنة ق . م. وإذن فتقدير ميلاد إبراهيم انه 1944 تقدير ظاهر السخف .
لا ينبغي أن تسرد أموراً من دون توثيق، فمن هم العلماء والمفسرون الذين قالوا بذلك؟ وما مدى إيمانهم بالكتاب المقدس، فربما كانوا ملحدين أصلا، أو مغرضين، فالكتاب المقدس تعرض للكثير من الهجمات من كل نوع، لذلك أن تقول (يقول العلماء) بدون توضيح فهذا لا يعتد به أصلا، لأنه بالتأكيد يوجد علماء آخرون قالوا عكس هذا الكلام.
على أي حال، لم يؤرخ الكتاب المقدس تاريخ البشر منذ البداية إلى إبراهيم، ولكنه أرَّخ من كان له دور حيوي في تاريخ البشر، وربما جاءت حقبات وحقبات من التاريخ ما بين آدم وإبراهيم هي مرحلة أكتشاف البشر للأرض، ولكن الكتاب لم يجد لها دوراً هاماً في تاريخ الخلاص البشري فلم يشر اليها.
الكتاب المقدس يؤرخ ولكنه ليس كتاب تاريخ، يرصد بعض تحركات البشر ولكنه ليس كتاب توثيق فلا يمكن أن نعتبره أرشيف مواليد ووفيات.
انه كتاب يحكي تاريخ معاملات الله مع البشر، ويصف كيف أرضوه أو أخفقوا في ارضائه، والوسيلة التي من خلالها يمكن ان يرجعوا اليه ويتوبوا له. هذه هي رسالة الكتاب المقدس وشغله الشاغل ومحور توثيقه لكل الأمور. وهو قد نجح في مهمته تماماً. فليتك تستقي منه ما هو لفائدتك، وابحث عن تاريخ الأرض وجيولجيا الأرض في ابحاث العلماء والمختصين. وستبقى آراء جميع العلماء على اختلاف توجهاتهم مجرد آراء.
شيء آخر، لا تهدف سلاسل النسب الموجودة في الكتاب المقدس إلى إظهار عمر الإنسان على الأرض، ولكن من أجل تعقُّب الأسماء الممثلة في سلسلة النسب التي تقود إلى إبراهيم، النسل الذي من خلاله سيبارك الله جميع قبائل الأرض، نسل الفادي الموعود. لذلك السؤال من أساسه خطأ.
وبالتأكيد هذه السلاسل قصيرة ومختصرة نوعاً ما، وهي موجودة فقط بسبب قرب علاقتها بنسل الوعد. مثلاً، سلسلة نسب إسماعيل في تك 25: 12-18 أقصر من سلسلة نسب عيسو في تك 36، لماذا؟ لأن عيسو له علاقة أقرب إلى العبرانيين من إسماعيل. وبالتالي نحن لا يمكن أن نستنتج بداية الخلق من خلال سلاسل النسب، حتى وان أرخ اليهود بداية العالم بسنة معينة فيبق هذا الرأي رأي شخصي تماما مثل الرأي الذي يؤرخ نهاية العالم بملايين السنين، الكتاب المقدس لم يحاول مطلقا أن يجيب على سؤال:
متى خلق العالم؟
علينا أن نعرف أن كُتّاب الكتاب المقدس الذين دوّنوا سلاسل النسب لم يوحوا أبداً في طيّات كتاباتهم أن يقدموا سلسلة نسب متكاملة (جد-أب-ابن-حفيد)، بل على العكس كان الكتّاب يتوقعون أن يفهم القرّاء أن الأسماء المكتوبة ما هي إلا اختيارات من عدة أجيال، فلم يهتم الكتّاب أن يدونوا أعماراً متكاملة لأسباب تعود إليهم.
لنأخذ مثلا على أسلوب التأريخ في متى حيث يقول في سلسلة النسب التي يقدمها : “كتاب مواليد يسوع المسيح … جميع الأجيال من إبراهيم إلى داود … ومن داود إلى السبي” فنلاحظ أن متى مع أنه ذكر جميع الأجيال إلاّ أنه في العدد الثامن يهمل ذكر ثلاثة ملوك من يهوذا، وفي العدد 11 يحذف يهوياقيم بعد يوشيا، لذلك من الواضح أن متى يستخدم كلمة “وَلَدَ” بمعنى من “نسل” فلان الفلاني وليس الابن المباشر له.
نفس الأمر ينطبق على سفر التكوين، لذلك لا يوجد أساس في سلسلة النسب من آدم إلى نوح يتم اعتماده لاحتساب عمر الإنسان، ببساطة لأن الكتاب المقدس لم يَقصُد تقديم هذه المفردة من أجل ذلك بل لأسباب أخرى غير احتساب عمر الإنسان.
الكاتب /عماد حنا