قيامة المسيح _4

Roma

قيامة المسيح _ 4

نظريات خاطئة ضد قيامة المسيح

لقد ناقشنا في المقالة السابقة نظريتى ذهاب المريمات إلى قبر خطأ، ونظرية الجسد وفي هذه المقالة نناقش نظريات أخرى خاطئة ضد قيامة المسيح من الموت.

  • إن المسيح لم يقم من الموت بالجسد ولكنه قام بالروح.

يقولون جسد المسيح كان في القبر، وأن روحه هي التي ظهرت للتلاميذ. وقد جاء هذا الادعاء في إحدى مخطوطات نجح حمادي “حكمة يسوع المسيح” حيث ورد: “بعد أن قام من الموت –المسيح– ذهب تلاميذه الاثنى عشر وسبع من النسوة اللاتي تبعنه إلى الجليل، وعندما اجتمعوا معاً ظهر لهم المخلص ليس في شكله السابق، ولكنه على هيئة روح غير مرئي، وكان مظهره كمظهر ملاك عظيم من نور”.

  • إن هذا الادعاء لا يعطي لنا إجابة عن حقيقة القبر الفارغ، فلو كانت ظهورات المسيح لتلاميذه بالروح، فالسؤال: أين جسد المسيح والقبر قد وجُد فارغاً –وقد أوضحنا في مقالة سابقة عن شهود القبر الفارغ– مثل: مريم المجدلية، بطرس ويوحنا، الملاك، الجنود الرومان.
  • لا معنى لكلمة “القيامة” إذا كان يُقصد بها الروح فقط، فالمعنى التام والصحيح للقيامة هو أنه قام روحاً وجسداً معاً.
  • كيف تكون القيامة والظهورات بالروح، وكل من ظهر لهم المسيح رأوه بصورة جسدية واضحة، بها علامات وآثار الصليب، وقد أكل وشرب معهم، والمريمات أمسكن قدميه وسجدن له (مت 28 :9). وتلميذي عمواس سارا معه في الطريق “وأخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما” (لو 24: 3)، والمسيح نفسه طلب من تلاميذه أن يجيبوه (لوقا 24 : 39)، “ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».” (يو 20: 27). وعندما ظهر لتلاميذه على بحيرة طبرية أخذ الخبز وأعطاهم وكذلك السمك (يو 21: 3). فهل يقال بعد كل هذا أن الروح هي التي ظهرت للتلاميذ؟ فهل الروح تمشي وتتكلم وتأخذ وتعطي وتأكل؟.
  • إن المسيح نفي أن يكون هذا الظهور بالروح، فعندما ظهر لتلاميذه خافوا وظنوا أنهم رأوا روحاً فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟» فَنَاوَلُوهُ جُزْءًا مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئًا مِنْ شَهْدِ عَسَل. فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.” (لو 24: 38-43).
  • في سفر الأعمال يقارن الرسول بطرس في عظته الأولى لليهود، بين جسد داود وجسد المسيح ويقول: “إن جسد داود رأى فساداً، أما جسد المسيح فلم يرى فساداً، مما يدل على قيامة المسيح بالجسد”. (أع 2: 24-36).
  • إن المريمات ذهبن ليضعن الأطياب والحنوط على جسد المسيح، فوجدن القبر فارغاً، مما يؤكد قيامة المسيح الجسدية.

 

ثانياً: إن قيامة المسيح وهم وخيال أو هلوسة وهذيان:

يقول أصحاب هذه النظرية: إن المسيح لم يقم من الموت، وإذا كانت ظهورات المسيح لأتباعه بعد قيامته هي برهان هذه القيامة، فإن هذه الظهورات ليست حقيقة، ولكن لأنهم كانوا يحبون المسيح فتخيلوا وأصابتهم نوبات من الهلوسة، ظنوا أنهم قد رأوا المسيح.

الرد على هذا الادعاء الكاذب

إن الهلوسة أو الخيال هي رؤية شئ ما لا يتامشى مع المنظورات الحسية، فلم تتأثر أعصاب العين بذبذة ضوئية، ولكنها تأثرت بسبب نفسي داخلي، جعلت صاحب الرؤيا يظن أن ما قد رآه حقيقة. وعندما نفحص هذا الادعاء في ضوء ما يقوله علم النفس عن الهلوسة نتأكد من كذب هذا الادعاء لما يلي:

  • إن الخيالات والأوهام شخصية، لأن مصدر الخيالات هو العقل الباطن، وهذه الخيالات مرتبطة باختبارات الفرد المترسبة في عقله الباطني، ولذلك فخيالات شخص ما تختلف عن خيالات غيره، ولا يمكن أن شخصين تصيبهما ذات الهلوسة في وقت واحد، وهذا لا يتفق مع ظهورات المسيح، فمن ظهر لهم المسيح من خلفيات مختلفة وأيضاً مختلفون نفسياً. وقد شهد بهذا الظهور أكثر من شخص في الوقت نفسه مثل تلميذي عمواس (لو24)، والأحد عشر تلميذاً (يو20).
  • إن الخيالات تصيب فريقاً من الناس دون غيرهم، فالإنسان العصبي المزاج السريع التأثر عرضه لمثل هذا، بينما الإنسان الهادئ الرزين لا تصبه الهلوسة. فكيف نفسر ظهور المسيح لتوما الذي شك في ذلك عندما أخبره التلاميذ بأنهم قد رأوا الرب؟
  • إن الناس عادة يتوهمون ما كانوا يتوقعون، أو ما هو موجود في عقولهم الواعية أو الباطنة، والتلاميذ لم يتوقعوا قيامة المسيح الجسدية من الموت. فإن يوم الجمعة قد ملأهم بالهزيمة، وقضى على آمالهم، وعندما سمعوا بقيامة المسيح من الموت بدت لهم كالهذيان (لو 24: 11)، وشكوا (مت28: 28)، وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً (لو24 : 27). إن الإيمان بالقيامة لم يأت من داخل عقولهم ولكنه جاء إليهم من الخارج رغماً عن إرادتهم.
  • إن الخيالات والأوهام تصيب الأشخاص في أوقات خاصة، وفي أماكن معينة، لأنها ترتبط بمكان وزمان خاص، ولكن ظهورات المسيح كانت في أوقات مختلفة، فقد ظهر للمريمات صباحاً عند القبر (مت 28 : 1-10)، وظهر لتلميذي عمواس عصراً في الطريق إلى عمواس (لو24: 13-23)، وظهر للتلاميذ مساءاً وهم يجتمعون في العلية (يو 20: 19-22)، وظهر لبعض التلاميذ عند شاطئ بحيرة طبرية وهم يصطادون السمك (يو 21: 1-23). فالأماكن مختلفة وليس لها ارتباط بالمسيح، حتى يقال أنها ترتبط بذكرى حدث معين أدى إلي الهلوسة.
  • إن الخيالات والهلوسة لها نظام خاص فهي تصيب الإنسان تدريجياً فقد تأتي مرة كل ليلة، ثم كل ليلتين ثم مرتين في الأسبوع إلى أن تزول، وتستمر لفترة طويلة، أما ظهورات المسيح فقد كانت لمدة أربعين يوماً ثم توقفت تماماً، وهي لم تتعد عشرة مرات تقريباً، منها خمسة ظهورات مختلفة في اليوم الأول ثم الظهور الثاني في الأسبوع التالي.
  • إن المهلوسين لا يمكن أن يصبحوا أبطالاً، ولكن من ظهر لهم المسيح تغيرت حياتهم وأصبحوا أبطالاً، وقدموا حياتهم للموت. وكما يقول علماء النفس إن المهلوس إذا تعرض للعذاب لابد أن يرجع إلى صوابه ويتدارك حقيقة الأمر، وتلاميذ المسيح كلهم ماعدا يوحنا الرسول قد ماتوا بطرق غير طبيعية لإعلانهم عن حقيقة موت وقيامة المسيح. إذاً هذا الإدعاء بأن ظهورات المسيح بعد قيامته من الموت هي هذيان وهلوسة، هو ادعاء كاذب، وهو في الحقيقة هلوسة من القائلين به.

الكاتب د. فريز صموئيل 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك