هل السيد المسيح كان من الأشرار ؟

Roma

هل السيد المسيح كان من الأشرار ؟

حسب الايمان المسيحي نعم: فقد قرر الكتاب المقدس أن اَلشِّرِّيرُ فِدْيَةُ الصِّدِّيقِ (أم 21: 18 )
وقد قرر بولس أن المسيح صُلِبَ كفارة لخطايا كل العالَم (1يو 2: 2) بل وإعترف بولس بأن يسوع ليس شريراً فقط ولكنه أيضاً صار ملعون، ألا تصدق؟ اقرأ المكتوب في الرسالة إلى غلاطية “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».”(غل3: 13)

والسؤال هو هل يسوع شرير ملعون كما يقول كتابكم؟

ملاحظة بسيطة هو تغيير في آخر ملاحظة في سؤالك، بتغيير عبارة (كما يقول كتابكم) الى عبارة (كما أقول أنا – أقصد واضع السؤال) .. لأن هذا الادعاء غير موجود في الكتاب نهائيا
لنفسر: معنى آية سفر الأمثال: الشرير فدية الصديق= العدالة تقول إن المجرم يجب عقابه لكي ينجو البريء ويعطينا الله مثلاً لهذا الأمر عندما قرر هامان الشرير أن يقتل مردخاي، وصنع هامان الصليب حتى يصلب عليه مردخاي ولكننا نجد أن الذي صلب عليه هو هامان نفسه (راجع سفر أستير). الأمر يتكرر مع الفتية الثلاثة الذين اجتازوا آتون النار دون أن يصابوا بأذى، ولكن الذين خططوا للأمر كانت نهايتهم النار(راجع سفر دانيال). هذه النهايات تبين سيطرة الله على مجرى الأمور ومهما كانت مكائد الأشرار إلاّ أن النهاية تكون تماماً كما يريدها الله,

ولكن ماذا عن المسيح؟

نحن نرى أن المسيح البار أخذ مكاننا نحن الخطاة لينجينا ونحن أشرار. فالآية التي في سفر الأمثال ليس لها مكان تطبيقي هنا فالجنس البشري على الرغم من أنه شرير إلا أنه لا يمكن تطبيق ما يحدث على المستوى الفردي عليه.
لأننا نرى الجنس البشري مسكيناً يحاول فاشلاً إرضاء الله ولكن توجد هوة عميقة بينه وبين الله بسبب خطيته ويحتاج الى بار يتبرع بأن يقدم يد المعونة وهذا البار هو شخص الرب يسوع. وهنا جاء دور الرسول بولس لنفهم ما يريد أن يقوله لنا.
يقول الرسول بولس في غلاطية 3: 13 “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ”
لنلاحظ في النص: كلمة صار معناها أنه لم يكن لعنة بل تحول إلى لعنة وهذا في حد ذاته إثبات لبره. فاللعنة لنا وهو البار, ولكنه على الصليب الذي لم يكن مستحقاً له، استبدل بره بأن حمل لعنة البشر جميعاً. وهذا يثبته إشعياء عندما قال الرب وضع عليه إثم جميعنا (اشعياء 53: 6)… فهو هنا مُحَمّل بخطايا الآخرين وليس مقترف للخطايا وهذا مختلف إختلافاً كبيراً فلا يمكن أن نفهم من هذا النص أنه أصبح شريراً ولكنه أصبح حاملاً لشر الآخرين ومقدمه لله دافعاً بره.
من جديد لأن التكرار في هذا الموضوع يعلم الشطار
شرط اللعنة لمن علق على الخشبة هو أن يكون على الإنسان المصلوب خطية أو جريمة يستحق عليها القتل على الصليب وبهذه الطريقة يكون ملعوناً. فالخشبة ليست تعويذة مجرد أن يعلق عليها شخص يصاب باللعنة، لكنها إعلان أن هذا المعلق عليه لعنة ما
والمسيح لم يكن مستحقاً للموت على هذه الخشبة، وبالتالي فمجرد تعليقه على الخشبة لا يصيبه باللعنة، فهو غير ملعون ولكنه جعل من نفسه (لعنة) كبديل عن البشر المستحق أن يعلق على هذه الخشبة. وهذا بقرار منه كما أشار هو بنفسه “مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ” (يو 12 : 33)، وكما قال يوحنا مفسراً ذلك الأمر حيث قال “كما رفع موسى الحية فى البرية هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ” (يو 3 : 14)
ولقد فسر الأمر مرة أخرى حين قال: متى رفعتم إبن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو” ثم قال واعداً تلاميذه “وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ»” (يوحنا 12: 32) هذا الأرتفاع الذى يشير إليه السيد المسيح هو الارتفاع والتعليق على الخشبة وقد عبر عنه القديس بطرس قائلاً: “قتلوه معلقين إياه على خشبة” (أع13). وأكده الرسول بولس عندما قال “وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ، أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ” (أعمال 13: 29). كل هذا لخصه الرسول بولس في آية واحدة

لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رومية 6: 23).

فأجرة الخطية هى الموت لمن يفعل هذه الخطية فهو مستحق لهذا الموت، أما المسيح بموته معلقاً ومرتفعاً على خشبة الصليب فقد وهب لنا الحياة الأبدية. لذلك صار الصليب أداة نُصرة وغلبة وبركة بفداء المسيح الذى وضع عليه إثم جميعناّ. هل وضح الأمر الآن؟

 

الكاتب /عماد حنا 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك