العهد القديم ومصر القديمة – جـ2

Roma

العهد القديم ومصر القديمة – جـ2

في الجزء الأول من هذه المقالة، ألقينا نظرة سريعة على بعض الاختلافات بين العبادة المِصرية القديمة، والعبادة الإسرائيلية، حيث أكدنا أن التشابه الموجود بينهما، هو تشابه شكلي، وليس جوهريًّا. فإعلان الله عن ذاته كان متاحًا لجميع البشر عبر العصور، لكن الطريقة التي فَهِم بها البشر الله اختلفت من ثقافة لأخرى.

·      المفاهيم اللاهوتية بين العهد القديم ومصر القديمة

في الجزء الأول، ناقشنا بعض المفاهيم الأساسية مثل:

  • صفات الله.
  • هيئة الله.
  • تعدد الآلهة.
  • جنس الله.
  • الشكل الأسطوري لله.

وفي هذا الجزء، نستكمل تحليلنا لمزيد من الجوانب:

1-    هيئة الله وشكله:

في العهد القديم، لا يمكن للإنسان أن يتخيل الله، أو يصنع له تمثالًا، بل كان ذلك محرَّمًا تمامًا، أما في مصر القديمة، فقد امتلأت المعابد والآثار بتماثيل الآلهة التي صُوِّرت في أشكال بشرية، أو حيوانية، رغم أن المصريين لم يكونوا يعبدون التماثيل نفسها، بل اعتبروها رموزًا للآلهة.

أ- صراع الآلهة:

اتسمت الديانات المصرية القديمة، بوجود صراعات بين الآلهة، كما في قصة الصراع الأبدي بين أوزيريس وست، ثم بين حورس وست. أما في العهد القديم، فالله لا يشارك في مثل هذه الصراعات، بل هو الإله الواحد الذي لا عداوة له إلا مع الشيطان.

2-   العهد:

يَدَّعي بعض الباحثين وجود تشابه بين فكرة العهد في الديانة المصرية القديمة والعهد القديم. لكن في الواقع، (العهد) في العهد القديم يمثل علاقة شخصية بين الله والإنسان، حيث يبرم الله عهدًا مع شعبه، وعادةً ما يخون الإنسان هذا العهد، لكن الله يسعى دائمًا لتجديده. أما في مصر القديمة، فلم تكن الآلهة تحتاج إلى إقامة عهد مع البشر، لأن العلاقة بين الإنسان والآلهة كانت تقوم على تقديم القرابين والطقوس فقط.

3-   الخلاص والفداء:

 وسيئاته؛ فإذا زادت حسناته، نال الخلود بجوار أوزيريس، وإذا زادت سيئاته، خسر الأمل في الحياة الأبدية. أما في العهد القديم، فالله هو الإله الصالح الذي يغفر الخطايا، ويمنح الخلاص للإنسان من خلال رحمته، وليس فقط بناءً على أعمال الإنسان.

4-   الأبدية والخلود:

فكرة الأبدية والخلود كانت واضحة جدًا في مصر القديمة، حيث اعتقد المصريون أن الحياة الأرضية مجرد مرحلة مؤقتة في طريقهم إلى الحياة الأبدية. أما في العهد القديم، فلم تكن هذه الفكرة بنفس الوضوح، حيث كانت الأبدية تُفهم على أنها علاقة بين الإنسان وخالقه، وليست مجرد ثواب وعقاب.

إضافةً إلى ذلك، كانت العقيدة المصرية القديمة تعتمد على “كتاب الموتى”، وهو نص ديني يحتوي على تعاليم تفصيلية عن الحياة بعد الموت، والتعاويذ التي تساعد الروح في رحلتها إلى الأبدية. بينما في العهد القديم، كانت الإشارات إلى الحياة بعد الموت أقل تفصيلًا، لكنها ركزت على مفهوم العدل الإلهي والمكافأة النهائية.

5-   الشريعة:

في مصر القديمة، لم تكن هناك شريعة واحدة موحدة، بل تعددت الشرائع بين الأقاليم المختلفة، وكان القانون يعتمد بشكلٍ أساس على المبادئ الطبيعية والأعراف. أما في العهد القديم، فقد أعطى الله لشعبه ناموسًا واضحًا، وهو شريعة موسى، التي كانت مكتوبة ومقدسة.

إضافةً إلى ذلك أيضا، ارتبطت الشريعة المصرية بمفهوم “ماعت”، إلهة الحق والعدالة، والتي كانت تُعتبر المبدأ الأساس الذي يحكم حياة المصريين. أما شريعة العهد القديم، فقد جاءت بوحي مباشر من الله، وكانت تهدف إلى تنظيم الحياة الدينية والاجتماعية لشعب إسرائيل.

·      التشابه والاختلاف بين الطقوس الدينية:

  • التشابه: بعض الطقوس الدينية كانت موجودة في الجانبين، مثل تقديم الذبائح، واستخدام البخور، والغسلات الطقسية.
  • الاختلاف: يكمن في المعنى الكامن وراء هذه الطقوس؛ ففي العهد القديم، كانت هذه الطقوس تعبيرًا عن علاقة الإنسان بالله، بينما في مصر القديمة، كانت تُمارَس بهدف إرضاء الآلهة.
  • سبب التشابه: يمكن تفسير ذلك بفكرة الإعلان الإلهي العام لكل الشعوب، والإعلان الخاص لشعب الله في العهد القديم.

عزيزي القارئ، إن كنت تتساءل حول صحة الكتاب المقدس، فإننا ندعوك للاطلاع على المصادر المسيحية نفسها، والاستماع إلى الإجابات التي تقدمها؛ حتى تتمكن من تكوين رأي مستنير حول هذا الموضوع من مصدره الصحيح.

تحرير: مينا نبيل

المادة البحثية: بحث بعنوان: (هل من علاقة بين العبادة المصرية القديمة والعبادة اليهودية؟)، للدكتور القِس: صبري مُسعَد.

 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك