فداء المسيح للإنسان

Roma

فداء المسيح للإنسان

 

يقول الكتاب المقدس: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابنهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يوحنا 3: 16).

“لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا.” (2 كو 5: 14).

قصة حب الله للإنسان هي قصة حب عجيبة، ظهرت وتجلت في الصليب، لكن قصة الحب بدأت من حيث كان الله يخلق الإنسان، فخلق الله الإنسان على صورته ومثاله في البر والقداسة والمحبة والحكمة…. في طبيعة مقدسة، وفي أعظم تكوين.

وأوصى الله الإنسان أنه من جميع شجر الجنة يأكل، عدا شجرة واحدة، لكن الإنسان اشتهي هذه الثمرة التي في الشجرة ونظر إلى نفسه في أن يصير عظيمًا، فأكل هو وحواء من الشجرة ساقطًا في الشهوة والكبرياء فخالف وصية الله. حيث سبق وأوصى الله الإنسان قائلًا: “وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».” (تكوين 2: 17)

ولكن بسقوط الإنسان في الخطية بكسر آدم وحواء لوصية الله، وانفصاله عن الله بمرض مميت اسمه مرض الخطية، وكان لا يستطيع الإنسان أن يشفي نفسه المائتة بعيدًا عن الله، ولكن الشفاء والحياة من هذا الموت الروحي كان يلزم أن الله هو الذي يقوم به، ويبادر في عمله وإتمامه دون غيره. فكل مبادرات الإنسان فشلت لأن كل البشر أخطأوا وسقطوا في الخطايا، حتى لو كانوا من رجال الله والأنبياء.

ولكن الله هو الذي اتخذ على عاتقه ومسئوليته موضوع خلاص الإنسان من الخطية وافتداءه من هذا الموت، الذي اجتاز إلى كل البشر، لأن الله هو الوحيد الذي بلا خطية وهو قدوس.

وهنا نذكر قصة موت لعازر، في الإنجيل بحسب يوحنا البشير والأصحاح  11

أرسلت أختا لعازر برسالة ليسوع المسيح قائلتا: “ياسيد هوذا الذي تحبه مريض” فكانت قصة لعازر فيها الكثير مما حدث في قصة علاقة الله بالإنسان الذي سقط  في الخطية والذي مات بالخطية، بينما يظل إنشغال الله هو: كيف يحيي الإنسان؟

وبمعنى آخر كيف يأخذ موت وشقاء وخطية الإنسان، ويعطي الإنسان حياته لأن الله وحده هو مصدر الحياة؟

فكان الفداء هو الوسيلة التي تعطي وتسكب الحياة. بأن يأتي الله في صورة بشرية –لأنه قادر على كل شيء- ويقوم بفداء الإنسان بموت جسده مرة واحدة لأجل جميع البشر، فهو الله الغير محدود وكفارته تكفي لتكفير خطايا الجميع، وكان دافع الفداء هو محبة الله لكل إنسان.

فتجسد كلمة الله وأعلن عن اسمه “ابن الله” ففي هذا الاسم إعلان وحدته ومساواته بالله في الجوهر. فهكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد. وظهر هذا الحب في أن يذهب المسيح إلى موت الصليب طواعية. فالإنسان كان ميتًا بالخطية بينما الشفاء هو في الحياة التي أعطاها المسيح  لتبتلع الموت في الصليب، إذ بعد صلب وموت المسيح، قام من الموت ناقضًا كل قوة للموت لمن يقبل خلاص وفداء وقيامة المسيح بالإيمان.

فكانت  طريقة إعطاء الحياة هي موت المسيح على الصليب بديلًا ووكيلًا عن الإنسان، وبالتالي من يقبل موت المسيح يقبل أيضا قوة قيامته التي تعطي الحياة لكل من يؤمن.

وكانت هذه الكلمات التي خطفت قلب يسوع المسيح إلى مشهد الصليب حينما كان مزمعًا أن يذهب إليه بعد ايام  قليلة.

أرسلوا للمسيح وقالوا عن لعازر: هوذا الذي تحبه مريض، ثم بعد يومين قالوا: هوذا الذي تحبه قد مات.

وتأتي كلمات مرثا أخت لعازر: “ياسيد لو كنت ههنا لم يمت أخي” .

اعتقدت مرثا كما اعتقد الإنسان، أن الله غير موجود، أوغير مكترث بقضية موت الإنسان.

لكن الله أعد الخطة من قبل تأسيس العالم والآية الشهيرة: “عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ،مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ،” (1 بط 1: 18 – 20).

فالفداء بموت ودم المسيح، هو مُعَد ومعروف عند الله سابقًا وقبل تأسيس العالم. أي إن الله لم  يفاجأ بخطية آدم وحواء، ولكن  الله خلق الإنسان واحترم إرادته. واختار آدم وحواء اللذة والأكل من الشجرة والخطية بدلًا من الوصية، لكن الله بعمله السابق لتأسيس العالم، كان قد أعد خطة وموت الصليب، لأنه كان يحب الإنسان.

المواجهة:-

 في الصليب كانت مواجهة المسيح مع الموت وكان الإنسان الذي يحبه قد امتلأ بالخطية والفساد كما كان ( لعازر) قد أنتن، والحب مازال في قلب يسوع المسيح مما جعل المسيح يبكي أمام قبر لعازر الذي يحبه، حيث أنه رأى الإنسان المخلوق ( كل إنسان ) على صورته المدعو لخطة الحياة مع الله. ليس مريضًا فقط ولا ميتًا فقط،  بل قد أنتن ورائحة الموت والخطية والفساد والفجور تفيح منه في كل مكان.

ماذا فعل المسيح لكي يقيم لعازر؟ وماذا فعل لكي يقيم ويفدي كل إنسان بموته على الصليب؟

فكان على المسيح أخذ الموت في نفسه. جاء إلى قبر لعازر وقال: لعازر لك أقول قم.

هذه المقولة تحمل قوة حياة مرسلة للعازر، وأن قوة الموت التي في لعازر قد نزعها يسوع المسيح فباد الموت، وكان المسيح على الصليب يتواجه مع الموت والخطية ويأخذها على نفسه وينزع عنا حكم الخطية وقوة الموت، لكى يعطي الخلاص والحياة بالفداء لكل من يؤمن.

  • أن المسيح مات لأجل الجميع:- حيثما ذهب يسوع للموت على الصليب كانت كل البشرية خطاة و فجار أمامه سواء من هم ماتوا أم مازالوا على قيد الحياة أم من سيولدون في المستقبل فيما بعد، فهو الإله الذي يرى الماضي والحاضر والمستقبل.

“وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ.”     (2 كو 5: 15).

بمعنى أن المسيح مات لأجل كل البشر، سواء من كان يعبد الله أم لا، حتى لو كان ملحدًا، وحتى إن كان قاتلًا أو لصًا أو فاجرًا …. فالكل كان يحتاج لموت المسيح لأجله وفداءه.  

“وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.” (يوحنا 1: 12).

 

وأما كل اللذين قبلوا المسيح وعمل الفداء والخلاص، قد رفع الله مقامهم وجعلهم أبناء له بالتبني من خلال إيمانهم بابنه الوحيد يسوع المسيح:-  فكل اللذين قبلوه رُفعت عنهم الخطية وعقابها.

يقول الكتاب المقدس: “فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ،” (1 كو 1: 18).

الهالكون:

هم من الجميع اللذين مات المسيح لأجلهم، ولكنهم لم يقتنعوا بفداء المسيح على الصليب.

المخلصون:-

هم من الجميع اللذين مات لأجلهم المسيح، لكنهم قبلوا خلاص وفداء يسوع المسيح.

والفرصة أمامك الآن كي تختار أن تؤمن بفداء المسيح من حكم الموت، وخلاصه للبشر من الخطية وعقابها، وتتسلم الحياة من المسيح الذي مات لأجلك كي يعطيك الحياة.

أكتب لنا رسالة وسيتم الرد والإهتمام برسالتك.

الكاتب . الشيخ سامح ابراهيم 

 

 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك