عازف على الحبال
william
عازف على الحبال
كان يحب أن يعزف على آلة الكمان، ومنذ طفولته اجتهد كثيرًا جدًا حتى استطاع أن يمتلك آلة، ومن وقتها امتلأ المكان بعزفه العزب، كان يظن أنه موهوب في العزف على هذه الآلة الجميلة، ومن حوله أيضًا من كانوا يظنون ذلك، لذلك قرر أن يمتهن مهنة العزف عليها، ولكنه في الواقع فشل، لم يجد أي شخص يتبنى موهبته، خاصة أنه كان له شروطه، في المكان الذي ينبغي أن يعمل فيه، أو الألحان التي يعزفها.
ذهب إلى أماكن محترمة كثيرة لينضم لفرق راقية، ولكنه رفُض وبشدة، وأخيرًا وصل إلى السيرك… وطرق الباب وطلب الحصول على وظيفة، ولكنه رُفض، فاقترح أن يعزف بآلة الكمان بين الفقرات، ولكنهم أيضًا رفضوا بشدة…
فرجع خائب الرجا … لكن فجأة مدير السيرك قال:
– أسمع … الذي يمشي على الحبل دق عنقه بالأمس، هل تحل محله؟
نظر عازف الكمان إلى الرجل بأسى وقال:
– للأسف، لا أعرف.
وبدأ يستمر في السير وفي داخله إحباط شديد … ولكن الرجل لم ييأس، لقد أراد أن يساعده، وفي نفس الوقت قرر أن يبدع للسيرك فقرة جديدة، فقال:
– سأعلمك، وسأغير من شكل الفقرة لتكون فقرة كوميدية وليست مهاريه
توقف عازف الكمان فجأة وقال
– كوميدية؟
– تعال، ستنجح.
وبدأ صاحبنا يخضع للتدريب، فوجئ أنه سيلبس زي البلياتشو … ويحاول أن يسير على الحبل أمام الناس ويقع على الشبكة والناس تضحك … ويكرر فعلته هذه بأكثر من طريقة والناس تضحك.
لم يكن هذا ما يحلم به … ولكنه قرر أن يفعله.
في اليوم الموعود … بدأ يعد فقرته، وأضحك الناس كثيرًا، فالناس لا يعرفون أنه خائف بجد … وأنه فاشل بمنتهى الصدق ….
ضحك الناس من فشله وإخفاقه المتكرر في أن يسير على الحبل وصار فشله هو مهنته …
ولكنه لم ينهي الفقرة بهذه الطريقة المرسومة، ولكنه أضاف لنفسه فقرة نهائية قبل أن ينهي نمرته، وقف على العمود الذي يربط به الحبل، وأخرج من ثيابه كمانه الجميل، وبدأ يعزف أجمل لحن تعلمه، لحن حزين يبكي البلياتشو ، الذي لم ينسى هوايته.
ولم يضحك الناس هذه المرة … بل تعالت أصوات التصفيق الحار لأجل عازف مبدع، لم يجد مكانًا لموهبته إلا أعلى عمود، ولابسًا زيًا ليس زيه، ولكنه نقل لهم أعزب الألحان.
المصدر :كتاب السباق الأخير
للكاتب :عماد حنا