وبدأت المشاكل

Roma
وبدأت المشاكل

 وبدأت المشاكل

كانت آخر وصيَّةٍ تركها المسيح للتلاميذ أن يمكثوا في أورشليم، حتَّى يأتي الرُّوح القُدُس، وأيضًا كان الأمر الإلهيُّ

أن يبدأ التلاميذ نقطة التبشير من أورشليم، ثمَّ اليهوديَّة، وبعدها إقليم السامرة ثمَّ إلى أقصى الأرض؛ ولكنَّ نقطة الانطلاق كانت أورشليم.
ويعرِّفنا سفر الأعمال نقطةً في غاية الأهميَّة جعلت أورشليم تتميَّز عن أيِّ بلدٍ من البلدان التي سبق وخدم فيها المسيح طوال سنيِّ خدمته مثل كفرناحوم مثلًا.

فلماذا أورشليم؟

إنَّ المعلومة التي يحملها لنا سفر الأعمال إصحاح 2 هي عودة بعضٍ من يهود الشتات، والذين كانوا قد تفرَّقوا في شتَّى أرجاء المسكونة

ليس فقط ليُعيِّدوا في أورشليم، بل ليمكثوا فيها؛ فيقول سفر الأعمال:

“وكان يهودٌ رجالٌ أتقياء من كلِّ أمَّةٍ تحت السماء ساكنين في أورشليم”، فلمَّا صار هذا الصوت اجتمع الجمهور وتحيَّروا؛

لأنَّ كلَّ واحدٍ كان يسمعهم يتكلَّمون بلغته. إنَّها لم تكن مجرَّد زيارةٍ بهدف العبادة، لكنَّه قرارٌ بالعودة والاستقرار، “

وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ.” (أعمال 2: 5، 6).

لقد كانت هناك أفواجٌ من يهود الشتات قرَّروا العودة ليستقرُّوا في أورشليم؛ لذلك هذا هو السبب في وُجود بعض هذا العدد الكبير

من اليهود في أورشليم.

وربَّما لهذا نرى هذا التنوُّع شديدًا من الجنسيَّات: “فرتيُّون وماديُّون وعيلاميُّون والساكنون ما بين النهرين واليهوديَّة وكبدوكيَّة

وبنتس وآسيا وفريجيَّة وبمفيليَّة ومصر ونواحي ليبيَّة التي نحو القيروان والرومانيُّون المستوطنون يهودٌ ودخلاء كريتيُّون وعرب”

؛ إلا أنَّهم كلَّهم يدينون باليهوديَّة، جمعهم الهيكل والعبادة هناك.
يهودٌ وليس أممًا، رجالٌ أتقياء بلغاتٍ ولهجاتٍ مختلفةٍ وقت نزول الرُّوح القُدُس وحلول الألسنة بلغاتها المتنوِّعة مقيمون

بالفعل في أورشليم، ساكنون في أورشليم.

ليس هذا فقط، بل أيضًا كان هناك اليهود الأصليُّون الساكنون في الأرض، وهذا ما يعطي سببًا وجيهًا لأمر المسيح للتلاميذ بالإقامة في أورشليم دون غيرها؛ فليست هناك أفضليَّة مركزيَّة من هذا المكان؛ وبهذا التنوُّع غير المسبوق في سكَّان أورشليم.
ورأينا أنَّه كلَّ يومٍ كان ينضمُّ من كلِّ هذه المجاميع المتنوِّعة إلى الكنيسة أناسٌ جدد، ومع هذا الازدياد المطرَّد في أعداد المؤمنين الجدد بدأت المشكلات تبرز بين جوانب الكنيسة الوليدة.
وأوَّل هذه المشاكل كانت بين يهود الأرض ويهود الشتات؛ فنرى أنَّه حدث تذمُّرٌ من اليونانيِّين الذين هم يهود الشتات على العبرانيِّين الذين هم يهود الأرض أنَّ أراملهم كنَّ يُغفَلن عنهنَّ في الخدمة اليوميَّة.
لاحظ هنا أنَّ استخدام لوقا تعبير “اليونانيِّين” مقصودٌ به كلُّ أنواع يهود الشتات، والمشكلة كانت في أمر توزيع الحصص التموينيَّة اليوميَّة خاصَّةً على الأرامل؛ حيث كان هناك تحيُّزٌ لأرامل يهود الأرض على حساب أرامل يهود الشتات؛ ممَّا أثار حفيظة تلك المجموعة الأخيرة بسبب هذا الإجحاف غير المبرَّر.

وكان الحلُّ هو أنَّ الرسل أقاموا سبعة مسؤولين من الفريق المظلوم الذي هو فريق يهود الشتات؛ ليضمن الرسل عدالة التوزيع؛

وبذلك يخمد التذمُّر، ولكنَّ اختيار السبعة من يهود الشتات له دلالة؛ فهذه كانت أوَّل خطوةٍ على طريقٍ طويلٍ ستتَّضح نهايته

فيما بعد من تقليل قبضة أورشليم على مقادير أمور الكنيسة وتسليم قيادتها رويدًا رويدًا إلى آخرين

سيأتي دورهم عاجلًا، ولكن مع احتفاظ الرسل بمكانتهم كالأساس الذي بُنيت عليه الكنيسة.
وهنا برز مصطلحٌ جديدٌ أو وظيفةٌ أخرى للمدرسة هي وظيفة الشمامسة، أُضيفت لوظيفة الرسل.. ولهذا قصَّةٌ أخرى

المرجع: حكاية الكنيسة الأولى، دكتور إيهاب جوزيف، أستاذ العهد القديم واللغات الساميَّة.

الكاتب / عماد حنا 

مواضيع تهمك
شارك اصدقائك